الباحث القرآني

فِيهَا سِتُّ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الشَّهَادَةُ مُرْتَبِطَةٌ بِالْعِلْمِ عَقْلًا وَشَرْعًا، فَلَا تُسْمَعُ إلَّا مِمَّنْ عَلِمَ، وَلَا تُقْبَلُ إلَّا مِنْهُ. وَمَرَاتِبُ الْعِلْمِ فِي طُرُقِهِ مُخْتَلِفَةٌ، وَلَكِنَّهُ يَعُودُ إلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ تَعَلُّقُهُ بِالْمَعْلُومِ عَلَى مَا هُوَ بِهِ، فَإِذَا نَسِيَ الشَّهَادَةَ فَذُكِّرَ بِهَا وَتَذَكَّرَهَا أَدَّاهَا، وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [البقرة: 282] وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْهَا لَمْ يُؤَدِّهَا عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ. [مَسْأَلَة عَرَفَ خَطَّهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّهَادَةَ] الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا: إنْ عَرَفَ خَطَّهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّهَادَةَ قَالُوا: يُؤَدِّيهَا وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُؤَدِّيَ مِنْهَا مَا عَلِمَ وَهُوَ خَطُّهُ، وَيَتْرُكَ مَا لَمْ يَعْلَمْ، وَقَدْ بَيَّنَّاهَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فَلْيُنْظَرْ فِيهَا. [مَسْأَلَة ادَّعَى الرَّجُلُ شَهَادَة لَا يَحْتَمِلُهَا عُمْرُهُ وَلَا حَالُهُ] الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: إذَا ادَّعَى الرَّجُلُ شَهَادَةً لَا يَحْتَمِلُهَا عُمْرُهُ وَلَا حَالُهُ رُدَّتْ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى بَاطِنًا مَا كَذَّبَهُ الْعِيَانُ ظَاهِرًا. [مَسْأَلَة شَهَادَةُ الْمُرُورِ] الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: شَهَادَةُ الْمُرُورِ: وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: مَرَرْت بِفُلَانٍ فَسَمِعْته، فَإِنْ اسْتَوْعَبَ الْقَوْلَ شَهِدَ فِي أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ. وَفِي الْقَوْلِ الْآخَرِ لَا يَشْهَدُ حَتَّى يُشْهِدَاهُ. وَاَلَّذِي نَخْتَارُهُ الشَّهَادَةُ عِنْدَ الِاسْتِيعَابِ، وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ. وَهُوَ الْحَقُّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَ لَهُ الْمَطْلُوبُ، وَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَدَاءُ الْعِلْمِ، وَكَانَ خَيْرَ الشُّهَدَاءِ إذَا أَعْلَمَ الْمَشْهُودَ لَهُ، وَشَرَّ الشُّهَدَاءِ إذَا كَتَمَهَا. [مَسْأَلَة جَلَسَ رَجُلَانِ لِلْمُحَاسَبَةِ فأبرز الْحِسَاب بَيْنَهُمَا ذِكْرًا هَلْ يَشْهَدُ بِهِ مَنْ حَضَرَهُ] الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ عُلَمَاؤُنَا إذَا جَلَسَ رَجُلَانِ لِلْمُحَاسَبَةِ، فَأَبْرَزَ الْحِسَابُ بَيْنَهُمَا ذِكْرًا هَلْ يَشْهَدُ بِهِ مَنْ حَضَرَهُ، وَقَدْ كُلِّفَ ذَلِكَ وَأُجْلِسَ لَهُ؟ وَالصَّحِيحُ وُجُوبُ الْأَدَاءِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَ لَهُ عِلْمُهُ. [مَسْأَلَة أَجْلَسَ رَجُلٌ شَاهِدِينَ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَكَلَّمَهُ وَقَرَّرَهُ فَاسْتَوْعَبَا كَلَامَهُ] الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: إذَا أَجْلَسَ رَجُلٌ شَاهِدِينَ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَكَلَّمَهُ وَقَرَّرَهُ فَاسْتَوْعَبَا كَلَامَهُ، فَقَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: لَا يَثْبُتُ ذَلِكَ، وَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا أَقَرَّ إلَّا بِأَمْرِ كَذَا يَذْكُرُهُ؛ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ مَا يَشْهَدُ بِهِ. وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ تَحْصِيلِ الْعِلْمِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب