الباحث القرآني

فِيهَا مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا: فِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ بَنِي إسْرَائِيلَ لَمَّا سُلِّطَ عَلَيْهِمْ رِجْزُ الطَّاعُونِ، وَمَاتَ مِنْهُمْ عَدَدٌ كَثِيرٌ، خَرَجُوا هَارِبِينَ مِنْ الْمَوْتِ، فَأَمَاتَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مُدَّةً، ثُمَّ أَحْيَاهُمْ آيَةً، وَمِيتَةُ الْعُقُوبَةِ بَعْدَهَا حَيَاةٌ، وَمِيتَةُ الْأَجَلِ لَا حَيَاةَ بَعْدَهَا. الثَّانِي: رُوِيَ أَنَّهُ كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ فَتَرَكُوهُ وَخَرَجُوا فَارِّينَ مِنْهُ [مَسْأَلَةٌ الْفِرَار مِنْ الطَّاعُونِ] الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْأَصَحُّ وَالْأَشْهَرُ أَنَّ خُرُوجَهُمْ إنَّمَا كَانَ فِرَارًا مِنْ الطَّاعُونِ، وَهَذَا حُكْمٌ بَاقٍ فِي مِلَّتِنَا لَمْ يَتَغَيَّرْ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ». وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وَجْهِ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ: أَمَّا الدُّخُولُ فَفِيهِ الْخِلَافُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: مَا فِيهِ مِنْ التَّعَرُّضِ لِلْبَلَاءِ؛ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِي حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ صِيَانَةَ النَّفْسِ عَنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ مَخُوفٍ وَاجِبٌ. الثَّانِي: إنَّمَا نَهَى عَنْ دُخُولِهِ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ عَنْ مُهِمَّاتِ دِينِهِ بِمَا يَكُونُ فِيهِ مِنْ الْكَرْبِ وَالْخَوْفِ، بِمَا يُرَى مِنْ عُمُومِ الْآلَامِ وَشُمُولِ الْأَسْقَامِ. الثَّالِثُ: مَا يُخَافُ مِنْ السَّخَطِ عِنْدَ نُزُولِ الْبَلَاءِ بِهِ، وَذَهَابِ الصَّبْرِ عَلَى مَا يَنْزِلُ مِنْ الْقَضَاءِ. الرَّابِعُ: مَا يُخَافُ عَلَيْهِ مِنْ سُوءِ الِاعْتِقَادِ، كَأَنْ يَقُولَ: لَوْلَا دُخُولِي فِي هَذَا الْبَلَدِ لَمَا نَزَلَ بِي مَكْرُوهٌ. وَأَمَّا الْخُرُوجُ فَإِنَّمَا نُهِيَ عَنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ الْمَرْضَى مُهْمَلِينَ مَعَ مَا يَنْتَظِمُ بِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب