الباحث القرآني

قَوْله تَعَالَى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ إِلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج: 30]. فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْحُرُمَاتُ: امْتِثَالُ مَا أَمَرَ بِهِ، وَاجْتِنَابُ مَا نَهَى عَنْهُ، فَإِنَّ لِهَذَا حُرْمَةَ الْمُبَادَرَةِ إلَى الِامْتِثَالِ، وَلِذَلِكَ حُرْمَةُ الِانْكِفَافِ وَالِانْزِجَارِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: {وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ إِلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} [الحج: 30] قَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ. [مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الْأَوْثَانِ] الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ} [الحج: 30] وَصَفَ اللَّهُ الْأَوْثَانَ بِأَنَّهَا رِجْسٌ، وَالرِّجْسُ النَّجِسُ، وَهِيَ نَجِسَةٌ حُكْمًا، وَالنَّجَاسَةُ لَيْسَتْ وَصْفًا ذَاتِيًّا لِلْأَعْيَانِ، وَإِنَّمَا هِيَ وَصْفٌ شَرْعِيٌّ مِنْ أَحْكَامِ الْإِيمَانِ، وَلِهَذَا قُلْنَا: إنَّهَا لَا تُزَالُ إلَّا بِالْإِيمَانِ كَمَا لَمْ تَجُزْ الطَّهَارَةُ فِي الْأَعْضَاءِ إلَّا بِالْمَاءِ، إذْ الْمَنْعَانِ مُتَمَاثِلَانِ فِي حُكْمِ الشَّرْعِ لَيْسَا بِجِنْسَيْنِ، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ مِنْ مَسَائِلِ الْخِلَافِ. [مَسْأَلَة قَوْلَ الزُّورِ] الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ: {وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج: 30] وَهُوَ الْكَذِبُ. وَلَهُ مُتَعَلِّقَاتٌ، أَعْظَمُهَا عُقُوبَةُ الْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ فِي ذَاتِهِ، أَوْ صِفَاتِهِ أَوْ أَفْعَالِهِ، وَهُوَ الشِّرْكُ. وَيُلْحَقُ بِهِ الْكَذِبُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ عَلَى اللَّهِ؛ إذْ بِكَلَامِهِ يَتَكَلَّمُ. الْمُتَعَلِّقُ الثَّانِي: الشَّهَادَةُ. وَهُوَ تَصْوِيرُ الْبَاطِلِ بِصُورَةِ الْحَقِّ فِي طَرِيقِ الْحُكْمِ؛ «وَلِهَذَا عَظَّمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْرَهَا، فَذَكَرَ الْكَبَائِرَ، فَقَالَ: الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ»، ثُمَّ قَالَ: «وَقَوْلُ الزُّورِ، أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ. فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ». وَمِنْ طَرِيقٍ آخَرَ: «عَدَلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ الْإِشْرَاكَ بِاَللَّهِ ثُمَّ قَرَأَ: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج: 30]». ثُمَّ تَتَفَاوَتُ مُتَعَلِّقَاتُ الْكَذِبِ بِحَسَبِ عِظَمِ ضَرَرِهِ وَقِلَّتِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب