الباحث القرآني

فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا: رُوِيَ أَنَّ قُرَيْشًا قَالُوا: إنَّ الَّذِي يُعَلِّمُ مُحَمَّدًا يَسَارُ أَبُو فَكِيهَةَ مَوْلًى مِنْ قُرَيْشٍ، وَسَلْمَانُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. وَهَذَا يَصِحُّ فِي يَسَارٍ، لِأَنَّهُ مَكِّيٌّ، وَالْآيَةُ مَكِّيَّةٌ؛ وَأَمَّا سَلْمَانُ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا بِالْمَدِينَةِ، وَقَدْ كَانَتْ الْآيَةُ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ بِإِجْمَاعٍ مِنْ النَّاسِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي مَعْنَى الْآيَةِ: وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرَادَ أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ لَوْ نَزَلَ بِاللُّغَةِ الْأَعْجَمِيَّةِ لَقَالَتْ قُرَيْشٌ لِمُحَمَّدٍ: يَا مُحَمَّدُ؛ إذَا أُرْسِلْت إلَيْنَا بِهِ فَهَلَّا فَصَّلْت آيَاتِهِ، أَيْ بَيَّنْت وَأَحْكَمْت. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ، التَّقْدِيرُ: أَنَّى يَجْتَمِعُ مَا يَقُولُونَ أَوْ يَنْتَظِمُ مَا يَأْفِكُونَ؟ يَسَارٌ أَعْجَمِيٌّ، وَالْقُرْآنُ عَرَبِيٌّ، فَأَنَّى يَجْتَمِعَانِ، [مَسْأَلَة تَرْجَمَةَ الْقُرْآنِ] الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا: هَذَا يُبْطِلُ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ: إنَّ تَرْجَمَةَ الْقُرْآنِ بِإِبْدَالِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ فِيهِ بِالْفَارِسِيَّةِ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا} [فصلت: 44]: كَذَا لِنَفْيِ أَنْ يَكُونَ لِلْعُجْمَةِ إلَيْهِ طَرِيقٌ، فَكَيْفَ يُصْرَفُ إلَى مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَمْ يَنْزِلْ بِهِ. وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ، وَأَوْضَحْنَا أَنَّ التِّبْيَانَ وَالْإِعْجَازَ إنَّمَا يَكُونُ بِلُغَةِ الْعَرَبِ، فَلَوْ قُلِبَ إلَى غَيْرِ هَذَا لَمَا كَانَ قُرْآنًا وَلَا بَيَانًا، وَلَا اقْتَضَى إعْجَازًا، فَلْيُنْظَرْ هُنَالِكَ عَلَى التَّمَامِ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَا رَبَّ غَيْرُهُ، وَلَا خَيْرَ إلَّا خَيْرُهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب