الباحث القرآني

فِيهَا إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى قَوْلُهُ: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى} [المزمل: 20] الْآيَةَ. هَذَا تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ: {قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا} [المزمل: 2] {نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلا} [المزمل: 3] {أَوْ زِدْ عَلَيْهِ} [المزمل: 4] كَمَا قَدَّمْنَا. {وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ} [المزمل: 20]: رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} [المزمل: 1] {قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا} [المزمل: 2] قَامُوا حَتَّى تَوَرَّمَتْ أَقْدَامُهُمْ، فَخَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُمْ. هَذَا قَوْلُ عَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، لَكِنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُمْ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بِآخِرِ السُّورَةِ، وَنُبَيِّنُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ. [مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى وَاَللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ] . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ: {وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} [المزمل: 20]؛ يَعْنِي يُقَدِّرُهُ لِلْعِبَادَاتِ؛ فَإِنَّ تَقْدِيرَ الْخِلْقَةِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ، وَإِنَّمَا يَرْبِطُ اللَّهُ بِهِ مَا شَاءَ مِنْ وَظَائِفِ التَّكْلِيفِ. [مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ] الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} [المزمل: 20] يَعْنِي تُطِيقُوهُ. اعْلَمُوا وَفَّقَكُمْ اللَّهُ أَنَّ الْبَارِئَ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ فِي عِبَادِهِ بِمَا شَاءَ، وَيُكَلِّفَهُمْ فَوْقَ الطَّوْقِ، فَقَدْ تَفَضَّلَ بِأَنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ. وَمَا لَا يُطَاقُ يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَلَّا يُطَاقَ جِنْسُهُ أَيْ لَا تَتَعَلَّقُ بِهِ قُدْرَةٌ. وَالثَّانِي: أَنَّ الْقُدْرَةَ لَمْ تُخْلَقْ لَهُ، وَإِنْ كَانَ جِنْسُهُ مَقْدُورًا؛ كَتَكْلِيفِ الْقَائِمِ الْقُعُودَ أَوْ الْقَاعِدِ الْقِيَامَ؛ وَهَذَا الضَّرْبُ قَدْ يُغَلَّبُ إذَا تَكَرَّرَ بِقِيَامِ اللَّيْلِ مِنْهُ، فَإِنَّهُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْقُدْرَةُ، فَإِنَّهُ يُغَلَّبُ بِالتَّكْرَارِ وَالْمَشَقَّةِ، كَغَلَبَةِ خَمْسِينَ صَلَاةٍ لَوْ كَانَتْ مَفْرُوضَةً، كَمَا أَنَّ الِاثْنَيْنِ وَالْعِشْرِينَ رَكْعَةً الْمُوَظَّفَةَ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ الْفَرْضِ وَالسُّنَّةِ تَغْلِبُ الْخَلْقَ، فَلَا يَفْعَلُونَهَا، وَإِنَّمَا يَقُومُ بِهَا الْفُحُولُ فِي الشَّرِيعَةِ. [مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى فَتَابَ عَلَيْكُمْ] الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ قَوْلُهُ: {فَتَابَ عَلَيْكُمْ} [المزمل: 20]؛ أَيْ رَجَعَ عَلَيْكُمْ بِالْفَرَاغِ الَّذِي كُنْتُمْ فِيهِ مِنْ تَكْلِيفِهَا لَكُمْ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ آخِرَ السُّورَةِ هِيَ الَّتِي نَسَخَتْهَا، كَمَا رَوَتْ عَائِشَةُ فِي الصَّحِيحِ، كَمَا نَقَلَهُ الْمُفَسِّرُونَ عَنْهَا. [مَسْأَلَة الْمُرَاد مِنْ قَوْله تَعَالَى فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ] الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ قَوْلُهُ: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20]: فِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ نَفْسُ الْقِرَاءَةِ. الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الصَّلَاةُ، عَبَّرَ عَنْهَا بِالْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّهَا فِيهَا، كَمَا قَالَ: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78] وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ عَنْ الصَّلَاةِ أَخْبَرَ، وَإِلَيْهَا رَجَعَ الْقَوْلُ. [مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى] الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ قَوْلُهُ: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [المزمل: 20]: بَيَّنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عِلَّةَ التَّخْفِيفِ بِأَنَّ الْخَلْقَ مِنْهُمْ الْمَرِيضُ، وَمِنْهُمْ الْمُسَافِرُ فِي طَلَبِ الرِّزْقِ، وَمِنْهُمْ الْغَازِي، وَهَؤُلَاءِ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ الْقِيَامُ؛ فَخَفَّفَ اللَّهُ عَنْ الْكُلِّ لِأَجْلِ هَؤُلَاءِ. وَقَدْ بَيَّنَّا حِكْمَةَ الشَّرِيعَةِ فِي أَمْثَالِ هَذَا الْمَقْصِدِ. [مَسْأَلَة فَرْضَ قِيَامِ اللَّيْلِ] الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ قَوْلُهُ: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} [المزمل: 20]: مَعْنَاهُ صَلُّوا مَا أَمْكَنَ؛ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ. وَلِهَذَا قَالَ قَوْمٌ: إنَّ فَرْضَ قِيَامِ اللَّيْلِ بَقِيَ فِي رَكْعَتَيْنِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ؛ قَالَهُ الْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَعَقَدَ بَابَ: «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ الرَّأْسِ إذَا لَمْ يُصَلِّ بِاللَّيْلِ» وَذَكَرَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: «يَعْقِدُ قَافِيَةَ رَأْسِ أَحَدِكُمْ ثَلَاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ مَكَانَ كُلِّ عُقْدَةٍ عَلَيْك لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ. فَإِنْ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ؛ فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ؛ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ». وَذَكَرَ حَدِيثَ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الرُّؤْيَا: قَالَ: أَمَّا الَّذِي يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ، فَإِنَّهُ الَّذِي يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عَنْ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ»، وَحَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ نَامَ اللَّيْلَ إلَى الصَّبَاحِ؛ فَقَالَ: ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ». وَهَذِهِ كُلُّهَا أَحَادِيثُ مُقْتَضِيَةٌ حَمْلَ مُطْلَقِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَكْتُوبَةِ، فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ، لِاحْتِمَالِهِ لَهُ، وَتَسْقُطُ الدَّعْوَى مِمَّنْ عَيَّنَهُ لِقِيَامِ اللَّيْلِ. وَفِي الصَّحِيحِ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ: «قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَا عَبْدَ اللَّهِ، لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ؛ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ». وَلَوْ كَانَ فَرْضًا مَا أَقَرَّهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا أَخْبَرَ بِمِثْلِ هَذَا الْخَبَرِ عَنْهُ، بَلْ كَانَ يَذُمُّهُ غَايَةَ الذَّمِّ. وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا رَأَى رُؤْيَا قَصَّهَا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَمَنَّيْت أَنْ أَرَى رُؤْيَا فَأَقُصُّهَا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكُنْت غُلَامًا عَزَبًا شَابًّا، وَكُنْت أَنَامُ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَأَيْت فِي النَّوْمِ كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَخَذَانِي، فَذَهَبَا بِي إلَى النَّارِ، فَإِذَا هِيَ مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ الْبِئْرِ، وَإِذَا لَهَا قَرْنَانِ، وَإِذَا فِيهَا نَاسٌ قَدْ عَرَفْتهمْ، فَجَعَلْت أَقُولُ: أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ النَّارِ. قَالَ: وَلَقِيَنَا مَلَكٌ آخَرُ، فَقَالَ لِي: لَمْ تُرَعْ؛ فَقَصَصْتهَا عَلَى حَفْصَةَ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ، لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ. فَكَانَ بَعْدُ لَا يَنَامُ مِنْ اللَّيْلِ إلَّا قَلِيلًا»، وَلَوْ كَانَ تَرْكُ الْقِيَامِ مَعْصِيَةً لَمَا قَالَ لَهُ الْمَلَكُ: لَمْ تُرَعْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [مَسْأَلَة تَعْيِينِ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ] . الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ تَعَلَّقَ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ فِي تَعْيِينِ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَهِيَ قَوْلُهُ: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} [المزمل: 20] فَقَالَ قَوْمٌ: هِيَ آيَةٌ. وَقَالَ قَوْمٌ: هِيَ ثَلَاثُ آيَاتٍ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ سُورَةٍ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ. وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِرَاءَةِ هَاهُنَا الصَّلَاةُ؛ وَإِنَّمَا يَصِحُّ هَذَا التَّقْدِيرُ، وَيُتَصَوَّرُ الْخِلَافُ فِي «قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلرَّجُلِ الَّذِي عَلَّمَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّلَاةَ، وَقَالَ لَهُ: ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ. وَقَالَ لَهُ: اقْرَأْ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ، وَمَا تَيَسَّرَ مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ» وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَيْهِ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ لِبَابِهِ لِأَنَّا لَوْ قُلْنَا: إنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْقِرَاءَةُ لَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ عَيَّنَ هَذَا الْمُبْهَمَ بِقَوْلِهِ: «لَا صَلَاةَ إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» خَرَّجَهُ الشَّيْخَانِ. وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَؤُهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، فَقَدْ اعْتَضَدَ الْقَوْلُ وَالْفِعْلُ. جَوَابٌ آخَرُ وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا قَصَدَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ التَّخْفِيفَ عَنْ الرَّجُلِ، فَقَالَ لَهُ: «اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ» أَيْ مَا حَفِظْت. وَقَدْ ظَنَّ الْقَاضِي أَبُو زَيْدٍ الدَّبُوسِيُّ فَحْلُ الْحَنَفِيَّةِ الْأَهْدَرُ وَمُنَاضِلُهَا الْأَقْدَرُ أَنَّ قَوْلَهُ: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} [المزمل: 20] مَعَ زِيَادَةِ الْفَاتِحَةِ عَلَيْهِ زِيَادَةً عَلَى النَّصِّ، وَالزِّيَادَةُ عَلَى النَّصِّ نَسْخٌ، وَنَسْخُ الْقُرْآنِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِقُرْآنٍ مِثْلِهِ، أَوْ بِخَبَرٍ مُتَوَاتِرٍ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تَمَهَّدَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ. وَأَجَابَ عُلَمَاؤُنَا بِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى النَّصِّ لَا تَكُونُ نَسْخًا، وَقَدْ قَرَرْنَاهُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، وَهُوَ مَذْهَبٌ ضَعِيفٌ جِدًّا. قَالَ الْقَاضِي أَبُو زَيْدٍ الدَّبُوسِيُّ: الصَّلَاةُ تَثْبُتُ بِالتَّوَاتُرِ، فَأَرْكَانُهَا يَجِبُ أَنْ تَثْبُتَ بِمِثْلِهِ، فَنَأْمُرُهُ بِقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ، لِخَبَرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ بِتَرْكِهَا، لِئَلَّا تَثْبُتَ الْأَرْكَانُ بِمَا لَمْ يَثْبُتْ بِهِ الْأَصْلُ. قُلْنَا: هَذَا بَاطِلٌ لَيْسَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ، وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ دَعْوَى. وَقَدْ اتَّفَقْنَا عَلَى ثُبُوتِ أَرْكَانِ الْبَيْعِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَبِالْقِيَاسِ؛ وَأَصْلُ الْبَيْعِ ثَابِتٌ بِالْقُرْآنِ، وَهَذَا بَعْضُ مَا قَرَّرْنَاهُ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ، فَلْيُنْظَرْ مَا بَقِيَ مِنْ الْقَوْلِ هُنَالِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ قَوْلُهُ: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} [المزمل: 20]. الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ قَوْلُهُ: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [المزمل: 20] وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُمَا [الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ قَوْلُهُ: {وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [المزمل: 20] وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب