الباحث القرآني

قوله تعالى: {اليهود} : اليهودُ مِلَّةٌ معروفةٌ، والياءُ فيه أصليةُ لثبوتِها في التصريفِ، وليست من مادَّةِ هَوَد من قوله: {هُوداً أَوْ نصارى} [البقرة: 111] وقد تقدَّم أن الفراء يَدَّعي أنَّ «هوداً» أصلُه: يَهود فَحُذِفت ياؤُه، وتقدَّم أيضاً عند قولِه: «والذين هادوا» أنَّ اليهودَ نسبةُ ليهوذا ابن يعقوب. وقال الشلوبين: «يَهُود فيها وجهان، أحدُهما: أن تكونَ جمعَ يهودي فتكونَ نكرةً مصروفةً. والثاني: أَنْ تكونَ عَلَماً لهذه القبيلةِ فتكونَ ممنوعةُ من الصرف. انتهى، وعلى الأولِ دَخَلَتْ الألفُ واللامُ، وعلى الثاني قولُه: 681 - أولئك أَوْلَى من يهودَ بمِدْحَةٍ ... إذا أنتَ يوماً قُلْتَها لم تُؤَنَّبِ وقال: 682 - فَرَّتْ يهودُ وأَسْلَمَتْ جيرانُها ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ولو قيل بأنَّ» يهود «منقولٌ من الفعلِ المضارع نحو: يَزيد ويشكر لكان قولاً حسناً. ويؤيِّدُه قولُهم: سُمُّوا يهوداً لاشتقاقِهم من هاد يَهُود إذا تَحَرَّك. قوله: {لَيْسَتِ النصارى} » ليس «فعلٌ ناقصٌ أبداً من أخواتِ كان ولا يتصرَّفُ ووزنُه على فَعِل بكسر العين، وكان من حقِّ فائِه أن تُكْسَرَ إذا أُسْنِدَ إلى تاء المتكلم ونحوِها دلالةًعلى الياءِ مثل: شِئْتُ، إلا أنه لَمَّا لم يتصرَّفْ بقيت الفاءُ على حالِها، وقال بعضُهم: لُسْتُ بضم الفاء، ووزنُه على هذه اللغة: فَعُل بضم العين، ومجيء فَعُل بضمِّ العينِ فيما عينُه ياءٌ نادر، لم يَجيء منه إلا» هَيُؤَ الرجلُ «إذا حَسُنَتْ هيئتُه. وكونُ» ليس «فعلاً هو الصحيحُ خلافاً للفارسي في أحدِ قولَيْه ومَنْ تابَعَه في جَعْلِها حرفاً ك» ما «ويَدُل على فعليَّتها اتصالُ ضمائرِ الرفعِ البارزةِ بها، ولها أحكامٌ كثيرةٌ. و» النصارى «اسمُها، و» على شيء «خبرُها، وهذا يَحْتمِل أن يكونَ ممَّا حُذِفَتْ فيه الصفةُ، أي على شيء مُعْتَدٍّ به كقولِه:» إنه ليس من أهلِك «أي: أهلِك الناجين، [وقوله:] 683 -. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ... . . . . . . . . لقد وَقَعْتِ على لَحْمِ أي: لحمٍ عظيمٍ وأَنْ يكونَ نفياً على سبيلِ المبالَغَةِ، فإذا نُفِي إطلاقُ الشيء على ما هُمْ عليه مع أنَّ الشيء يُطْلق على المعدومِ عند بعضهم كان ذلك مبالغةً في عدمِ الاعتدادِ به، وصارَ كقولهم:» أقَلُّ من لا شيء «. قوله: {وَهُمْ يَتْلُونَ} جملةٌ حالية. وأصل يَتْلُون: يَتْلُوُوْنَ فأُعِلَّ بحذفِ اللام وهو ظاهر. قوله: {كَذَلِكَ قَالَ الذين لاَ يَعْلَمُونَ} في هذا الكافِ قولان، أحدُهما: أنها في محلِّ نصبٍ وفيها حينئذ تقديران، أحدُهما: أنَّها نعتٌ لمصدرٍ محذوفٍ قُدِّم على عامِله تقديرُه: قولاً مثلَ ذلك القولِ قالَ الذين لا يعلمون. الثاني: أنها في محلِّ نصبٍ على الحالِ من المصدرِ المعرفةِ المضمرِ الدالِّ عليه» قال «تقديرُه: مثلَ ذلك القولِ قاله أي: قال القولَ الذين لا يعلمون حالَ كونِه مثلَ ذلك القولِ، وهذا رأيُ سيبويه والأول رأيُ النحويين كما تقدَّم غيرَ مرة. وعلى هذين القولَيْن ففي «مثلَ قولهم» وجهان، أحدُهما: أنه منصوبٌ على البدلِ من موضعِ الكاف. الثاني من الوجهين: أنه مفعولٌ به العاملُ فيه «يَعْلمون» ، أي: الذين لا يعلمون مثلَ مقالةِ اليهود والنصارى مثلَ مقالهم، أي: إنهم قالوا ذلك على سبيلِ الاتفاقِ، وإن كانوا جاهلين بمقالةِ اليهود والنصارى. الثاني من القولين: أنَّها في محلِّ رفعٍ بالابتداء، والجملةُ بعدها خبرٌ، والعائدُ محذوفٌ تقديرُه: مثلَ ذلك قاله الذين لا يعلمون، وانتصابُ «مثلَ قولهم» حينئذٍ إمَّا: على أنه نعتٌ لمصدرٍ محذوفٍ أو مفعولٌ بيعلمون تقديرُه مثلَ قولِ اليهودِ والنصارى قالَ الذينَ لا يعلمون اعتقادَ اليهود والنصارى. ولا يجوزُ أَنْ ينتصِبَ نصبَ المفعولِ بقال لأنه أَخَذَ مفعولَه وهو العائدُ على المبتدأ، ذكر ذلك أبو البقاء، وفيه نظرٌ من وجهين: أحدُهما: أنَّ الجمهورَ يأبي جَعْلَ الكافِ اسماً. والثاني: حَذْفُ العائدِ المنصوبِ، والنحويون ينصُّون على مَنْعِه ويجعلون قولَه: 684 - وخالِدٌ يَحْمَدُ ساداتُنا ... بالحقِّ لا يُحْمَدُ بالباطِلِ ضرورةً، وللكوفيين في هذه المسألةِ تفصيلٌ. قوله: {بَيْنَهُمْ يَوْمَ القيامة} منصوبان بيحكُمُ، و «فيه» متعلق بيختلفون.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب