الباحث القرآني

﴿وَلاَ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ﴾ المعنى لا تنفع الشفاعة عند الله إلا لمن أذن الله له أن يشفع، فإنه لا يشفع أحد إلا بإذنه، وقيل: المعنى لا تنفع الشفاعة إلا لمن أذن له الله أن يشفع فيه، والمعنى أن الشفاعة على كل وجه لا تكون إلا بإذن الله، ففي ذلك ردّ على المشركين الذين كانوا يقولون: هؤلاء شفعاؤنا عند الله ﴿حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ﴾ تظاهرت الأحاديث عن رسول الله ﷺ أن هذه الآية في الملائكة عليهم السلام، فإنهم إذا سمعوا الوحي إلى جبريل يفزعون لذلك فزعاً عظيماً، فإذا زال الفزع عن قلوبهم قال بعضهم لبعض: ماذا قال ربكم فيقولون: قال الحق، ومعنى ﴿فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ﴾ زال عنها الفزع، والضمير في ﴿قُلُوبِهِمْ﴾ وفي ﴿قَالُواْ﴾ للملائكة، فإن قيل كيف ذلك ولم يتقدم لهم ذكر يعود الضمير عليه؟ فالجواب أنه قد وقعت إليهم إشارة بقوله ﴿وَلاَ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ﴾ لأن بعض العرب كانوا يعبدون الملائكة، ويقولون: هؤلاء شفعاؤنا عند الله، فذكر الشفاعة يقتضي ذكر الشافعين، فعاد الضمير على الشفعاء الذين دل عليهم لفظ الشفاعة، فإن قيل: بم اتصل قوله: ﴿حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ﴾ ولأي شيء وقعت حتى غائية؟ فالجواب أنه اتصل بما فهم من الكلام من أن ثم انتظاراً للإذن، وفزعا وتوقفا حتى يزول الفزع بالإذن في الشفاعة، ويقرب هذا في المعنى من قوله: ﴿يَوْمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ وَٱلْمَلاَئِكَةُ صَفّاً لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ﴾ [عمّ: ٣٨] ولم يفهم بعض الناس اتصال هذه الآية بما قبلها فاضطربوا فيها حتى قال بعضهم: هي في الكفار بعد الموت، ومعنى ﴿فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ﴾: رأوا الحقيقة، فقيل لهم: ﴿مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ﴾؟ فيقولون: قال الحق فيقرّون حيث لا ينفعهم الإقرار، والصحيح أنها في الملائكة لورود ذلك في الحديث، ولأن القصد الردّ على الكفار الذين عبدوا الملائكة، فذكره شدّة خوف الملائكة من الله وتعظيمهم له.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب