الباحث القرآني

﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَٰلِداً فِيهَا﴾ الآية: نزلت بسبب مِقْيَس بن صبابة كان قد أخذ دية أخيه هشام المقتول خطأ، ثم قتل رجلاً من القوم الذين قتلوا أخاه وارتدّ مشركاً، فأمر رسول الله ﷺ بقتله والمعتمد عند الجمهور هو الذي يقصد القتل بحديدة أو حجر أو عصا أو غير ذلك، وهذه الآية معطلة على مذهب الأشعرية وغيرهم ممن يقول: لا يخلد عصاة المؤمنين في النار، واحتج بها المعتزلة وغيرهم ممن يقول بتخليد العصاة في النار لقوله: خالداً فيها وتأولها الأشعرية بأربعة أوجه: أحدها: أن قالوا إنها في الكافر إذا قتل مؤمناً، والثاني: قالوا معنى المتعمد هنا المستحل للقتل، وذلك يؤول إلى الكفر، والثالث: قالوا الخلود فيها ليست بمعنى الدوام الأبدي، وإنما هو عبارة عن طول المدة، والرابع: أنها منسوخة بقوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذٰلِكَ لِمَن يَشَآءُ﴾ [النساء: ١١٦] وأما المعتزلة فحملوها على ظاهرها ورأوا أنها ناسخة لقوله: ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذٰلِكَ لِمَن يَشَآءُ﴾ [النساء: ١١٦]، واحتجوا على ذلك بقول زيد بن ثابت نزلت الشديدة بعد الهينة وبقول ابن عباس: الشرك والقتل من مات عليهما خلد، وبقول رسول الله ﷺ: "كل ذنب عسى الله أن يغفره، إلاّ الرجل يموت كافراً أو الرجل يقتل مؤمناً متعمداً" وتقتضي الآية وهذه الآثار أن للقتل حكماً يخصه من بين سائر المعاصي، واختلف الناس في القاتل عمداً إذا تاب، هل تقبل توبته أم لا؟ وكذلك حكى ابن رشد الخلاف في القاتل إذا اقتص منه هل يسقط عنه العقاب في الآخرة أم لا؟ والصحيح أنه يسقط عنه، لقول رسول الله ﷺ: "من أصاب ذنباً فعوقب به في الدنيا فهو له كفارة" وبذلك قال جمهور العلماء ﴿ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ﴾ أي سافرتم في الجهاد ﴿فَتَبَيَّنُواْ﴾ من البيان وقرأ حمزة والكسائي بالثاء المثلثة من الثبات والتفعل فيها بمعنى الاستفعال أي اطلبوا بيان الأمر وثبوته ﴿أَلْقَىۤ إِلَيْكُمُ ٱلسَّلٰمَ﴾ بغير ألف أي انقاد وألقى بيده، وقرأ نافع وغيره السلام بمعنى التحية، ونزلت في سرية لقيت رجلاً فسلم عليهم، وقال: لا إلٰه إلا الله محمد رسول الله، فحمل عليه أحدهم فقتله، فشق ذلك على رسول الله ﷺ، وكان القاتل علم بن جثامة والمقتول عامر بن الأغبط، وقيل: القاتل أسامة بن زيد والمقتول مرداس بن نهيك ﴿تَبْتَغُونَ عَرَضَ ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا﴾ يعني الغنيمة، وكان للرجل المقتول غنم ﴿فَعِنْدَ ٱللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ﴾ وعد وتزهيد في غنيمة من أظهر الإسلام ﴿كَذٰلِكَ كُنْتُمْ مِّن قَبْلُ﴾ قيل: معناه كنتم كفاراً فهداكم الله للإسلام، وقيل: كنتم تخفون إيمانكم من قومكم ﴿فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾ بالعزة والنصر حتى أظهرتموه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب