الباحث القرآني

﴿مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ﴾ خطاب على وجه التحذير والوعيد، وفيه إعلام بارتداد بعض المسلمين فهو إخبار بالغيب قبل وقوعه، ثم وقع فارتدّ في حياة رسول الله ﷺ بنو حنيفة قوم مسيلمة الكذاب، وبنو مدلج قوم الأسود العنسي الذي ادعى النبوة، وقتل في حياة رسول الله ﷺ وبنو أسد قوم طليحة بن خويلد الذي ادّعى النبوة ثم أسلم وجاهد، ثم كثر المرتدون، وفشا أمرهم بعد موت رسول الله ﷺ، حتى كفى الله أمرهم على يد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وكانت القبائل التي ارتدت بعد وفاة رسول الله ﷺ سبع قبائل بنو فزارة وغطفان وبنو سليم وبنو يربوع وكندة، وبنو بكر بن وائل، وبعض بني تميم، ثم ارتدت غسان في زمان عمر بن الخطاب، وهم [قوم] جبلة بن الأيهم الذي تنصر من أجل اللطمة ﴿فَسَوْفَ يَأْتِي ٱللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ روي أن رسول الله ﷺ قرأها، وقال: قوم هذا يعني أبا موسى الأشعري، والإشارة بذلك والله أعلم إلى أهل اليمن، لأن الأشعريين من أهل اليمن، وقيل: المراد أبو بكر الصديق وأصحابه الذين قاتلوا أهل الردّة، ويقوي ذلك ما ظهر من أبي بكر الصديق رضي الله عنه عنه من الجد في قتالهم، والعزم عليه حين خالفه في ذلك بعض الناس، فاشتد عزمه حتى وافقوه وأجمعوا عليه فنصرهم الله على أهل الردة، ويقوي ذلك أيضاً أن الصفات التي وصف بها هؤلاء القوم هي أوصاف أبي بكر، ألا ترى قوله: أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين، وكان أبو بكر ضعيفاً في نفسه قوياً في الله، وكذلك قوله: ولا يخافون لومة لائم: إشارة إلى من خالف أبا بكر ولامه في قتال أهل الردّة فلم يرجع عن عزمه ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ﴾ كقوله: ﴿أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ﴾ [الفتح: ٢٩]، وإنما تعدّى أذلة بعلى، لأنه تضمن معنى العطف والحنوّ، فإن قيل: أين الرافع من الجزاء إلى الشرط؟ فالجواب: أن محذوف تقديره من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم مكانهم أو بقوم يقاتلونهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب