الباحث القرآني

﴿فَأَمَّا ٱلإِنسَانُ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ رَبُّهُ﴾ الابتلاء هو الاختبار واختبار الله لعبده لتقوم الحجة على العبد بما يبدو منه، وقد كان الله عالماً بذلك قبل كونه، والإنسان هنا جنس، وقيل: نزلت في عتبة بن ربيعة وهي مع ذلك على العموم، فيمن كان على هذه الصفة. وذكر الله في هذه الآية ابتلاءه للإنسان بالخير، ثم ذكر بعد ابتلاءه بالشر كما قال في الأنبياء [٣٥] ﴿وَنَبْلُوكُم بِٱلشَّرِّ وَٱلْخَيْرِ﴾ وأنكر عليه قوله حين الخير: ربي أكرمني وقوله حين الشر: ربي أهانني ويتعلق بالآية سؤالان: السؤال الأول: لم أنكر الله على الإنسان قوله ربي أكرمني وربي أهانني والجواب من وجهين: أحدهما: أن الإنسان يقول: ربي أكرمني على وجه الفخر بذلك والكبر، لا على وجه الشكر ويقول: ربي أهانني على وجه التشكي من الله وقلة الصبر والتسليم لقضاء الله، فأنكر عليه ما يقتضيه كلامه من ذلك، فإن الواجب عليه أن يشكر على الخير ويصبر على الشر. والآخر: أن الإنسان اعتبر الدنيا فجعل بسط الرزق فيها كرامة، وتضييقه إهانة وليس الأمر كذلك؛ فإن الله قد يبسط الرزق لأعدائه، ويضيقه على أوليائه فأنكر الله عليه اعتبار الدنيا والغفلة عن الآخرة، وهذا الإنكار من هذا الوجه على المؤمن. وأما الكافر فإنما اعتبر الدنيا لأنه لا يصدق بالآخرة، ويرى أن الدنيا هي الغاية فأنكر عليه ما يقتضيه كلامه من ذلك. السؤال الثاني: إن قيل: قد قال الله "فأكرمه" فأثبت إكرامه، فكيف أنكر عليه قوله ربي أكرمني؟ فالجواب: من ثلاثة أوجه: الأول أنه لم ينكر عليه ذكره للإكرام، وإنما أنكر عليه ما يدل عليه كلامه من الفخر وقلة الشرك، أو من اعتبار الدنيا دون الآخرة حسبما ذكرنا في معنى الإنكار. الثاني: أنه أنكر عليه قوله: "ربي أكرمني" إذا اعتقد إن إكرام الله له باستحقاقه الإكرام، على وجه التفضيل والإنعام كقوله قارون: ﴿إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِيۤ﴾ [القصص: ٧٨] الثالث: أن الإنكار إنما هو لقوله: "ربي أهانني" لا لقوله "ربي أكرمني" فإن قوله ربي أكرمني اعتراف بنعمة الله، وقوله ربي أهانني شكاية من فعل الله ﴿فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ﴾ أي ضيقه وقرئ بتشديد الدال وتخفيفها بمعنى واحد وفي التشديد مبالغة وقيل معنى التشديد جعله على قدر معلوم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب