الباحث القرآني

وقوله سبحانه: فَلَوْلا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ ... الآية: وفي مصحف أُبيٍّ وابنِ [[ينظر: «الكشاف» (2/ 371) ، و «المحرر الوجيز» (3/ 143) ، و «البحر المحيط» (5/ 192) ، و «الدر المصون» (4/ 69) .]] مسعودٍ: «فَهَلاَّ» ، والمعنى فيهما واحدٌ، وأصل «لولا» التحضيضُ، أو الدلالةُ علَى مَنْعِ أَمرٍ لوجودِ غيرِهِ، ومعنى الآية: فَهَلاَّ آمَنَ أهْلُ قريةٍ، وهم على مَهَلٍ لم يتلبَّس العذابُ بهم، فيكون الإِيمان نافعاً لهم في هذا الحال، ثم استثنى قومَ يُونُسَ، فهو بحَسَب اللفظ استثناء منقطعٌ، وهو بحسب المعنَى متَّصلٌ لأن تقديره: ما آمن أهْلُ قريةٍ إِلا قَوْمَ يُونُسَ، وروي في قصَّة قوم يونُسَ: أن القوم لَمَّا كَفَروا، أي: تمادَوْا على كفرهم، أوحَى اللَّه تعالى إِليه أَنْ أَنذِرْهم بالعذاب لثالثة، فَفَعَلَ، فقالوا: هو رَجُلٌ لا يَكْذِب، فارقبوه فَإِن أَقام بَيْنَ أَظْهُرِكم، فلا عليكم، وإِن ارتحل عنكم، فهو نزولُ العَذَابِ لا شَكَّ فيه، فلَمَّا كان الليلُ، تزوَّد يُونُسُ، وخَرَجَ عنهم، فأصبحوا فَلَمْ يجدُوهُ، فتابوا ودَعُوا اللَّه، وآمنُوا، ولَبِسُوا المُسُوحَ، وفَرَّقوا بين الأُمَّهات والأولادِ من النَّاسِ والبهائمِ، وكان العذَابُ فيما رُوِيَ عن ابن عباس: علَى ثُلُثَيْ مِيلٍ منهم [[أخرجه الطبري (6/ 613) برقم: (17915) ، وذكره ابن عطية (3/ 144) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (3/ 573) ، وعزاه لأحمد، وابن جرير.]] ، وروي: على مِيلٍ [[ذكره ابن عطية (3/ 144) .]] ، وقال ابن جبير [[أخرجه الطبري (6/ 613) برقم: (17914) ، وذكره ابن عطية (3/ 144) والسيوطي في «الدر المنثور» (3/ 573) ، وعزاه لأحمد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ.]] : غشيهمُ العذابُ كما يَغْشَى الثوبُ القَبْرَ، فرفَع اللَّه عنهم العذابَ، فلمَا مضَتِ الثالثة، وعَلِمَ يونُسُ أن العذاب لم يَنْزِلْ بهم، قال: كَيْفَ أنصَرِفُ، وقد وجَدُوني في كَذِبٍ، فذهب مغاضباً كما ذكر اللَّه سبحانه في غير هذه الآية، وذهب [[ينظر: «تفسير الطبري» (6/ 614) بنحوه.]] الطبريُّ إِلى أَنَّ قوم يونُسَ خُصُّوا من بين الأُمَمِ بِأَنْ تِيبَ عليهم مِنْ بَعْد معاينة العذاب، وذكر ذلك عن جماعة من المفسِّرين، وليس كذلك، والمعاينةُ التي لا تَنْفَعُ التوبةُ معها هي تلبُّس العذاب أو الموتِ بشَخْصِ الإِنسانِ، كقصَّة فرعون، وأمَّا قوم يونس فلم يَصِلُوا هذا الحَدِّ. ت: وما قاله الطبريُّ عندي أبْيَنُ، وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ: يريد: إِلى آجالهم المقدَّرة في الأزل، وروي أن قوم يونس/ كانوا ب «نِينَوَى» من أرض المَوْصِلِ. وقوله سبحانه: أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ: المعنى: أفأنت تكره الناس بإِدخالِ الإِيمَانِ في قُلُوبهم، واللَّه عَزَّ وجلّ قد شاء غير ذلك، والرِّجْسَ هنا بمعنى العذاب.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب