الباحث القرآني

وقوله تعالى: وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً ... الآيةَ: قال ابنُ عَبَّاس: المراد ابنا أَخْطَبَ حُيَيٌّ وأَبُو يَاسِرً، أي: وأتباعهما [[أخرجه الطبري (1/ 534) برقم (1791) ، وذكره السيوطي في «الدر» (1/ 201) ، وعزاه لابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم. وذكره ابن عطية الأندلسي في «تفسيره» (1/ 196) .]] ، واختلف في سبب هذه الآيةِ، فقيل: إن حُذَيْفَةَ بْنَ اليَمَانِ [[حذيفة بن اليمان (واسم اليمان حسل، وقيل: حسيل) بن جابر بن عمرو بن ربيعة بن جروة فروة، ابن الحارث بن مازن بن قطيعة بن عبس بن بغيض. أبو عبد الله العبسي، واليمان لقب: حسل والده. وقيل: لقب جروة بن الحارث. وقيل له ذلك لأنه حالف الأنصار وهم من اليمن. من كبار الصحابة. صاحب سر رسول الله ﷺ في المنافقين. روى عنه ابنه أبو عبيدة، وعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وقيس بن أبي حازم، وأبي وائل، وزيد بن وهب، وغيرهم. توفي سنة (36) بعد وفاة عثمان بأربعين ليلة. ينظر ترجمته في: «أسد الغابة» (1/ 468) ، «الإصابة» (1/ 332) ، «الثقات» (3/ 80) ، «تجريد أسماء الصحابة» (1/ 125) ، «الكاشف» (1/ 210) ، «العبر» (1/ 25) ، «الاستيعاب» (1/ 344) .]] ، وعمّار بن ياسر [[عمار بن ياسر بن عامر بن مالك بن كنانة بن قيس بن الحصين بن الوذيم ... المذحجي أبو اليقظان. العنسي. حليف بني مخزوم. هو من السابقين الأولين إلى الإسلام ... وأمه سميّة، وهي أول من استشهد في سبيل الله (عز وجل) وأبوه وأمه من السابقين، وكان إسلام عمار بعد بضعة وثلاثين، وهو ممن عذب في الله. قال عمار: لقيت صهيب بن سنان على باب دار الأرقم ورسول الله ﷺ فيها فقلت: ما تريد؟ فقال: ما تريد أنت؟ قلت: أريد أن أدخل على محمد وأسمع منه كلامه. فقال: وأنا أريد ذلك، فدخلنا عليه، فعرض علينا الإسلام، فأسلمنا. وهو من مشاهير الصحابة رضي الله عنه. قتل مع علي ب «صفين» سنة (37) ، وله (93 سنة) . ينظر ترجمته في: «أسد الغابة» (4/ 129) ، «الإصابة» (4/ 373) ، «الثقات» (3/ 302) ، «الاستيعاب» -- (3/ 1135) ، «تجريد أسماء الصحابة» (1/ 394) ، «التاريخ الصغير» (1/ 79) ، «الجرح والتعديل» (6/ 389) .]] أتيا بيت المِدْرَاس [[المدراس: البيت الذي يدرس فيه القرآن، وكذلك مدراس اليهود، وهو المقصود هنا. ينظر: «لسان العرب» (1360) .]] ، فأراد اليهودُ صرْفَهما عن دينهما، فثبتا عليه، ونزلت الآية، وقيل: إن هذه الآية تابعةٌ في المعنى لما تقدَّم من نَهْيِ اللَّه عزَّ وجلَّ عن متابعة أقوال اليهود في: راعِنا [البقرة: 104] وغيره، وأنهم لا يودُّون أن ينزل على المؤمنين خيْرٌ، ويودُّون أن يردوهم كفاراً من بعد ما تبيَّن لهم الحق، وهو نبوءة محمّد ﷺ. ت: وقد جاءَتْ أحاديث صحيحةٌ في النهيِ عن الحسدِ، فمنْها حديثُ مالكٍ في الموطَّإ عن أنس أن رسول الله ﷺ قال: «لاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَكُونُوا عِبَاد اللَّهِ إخْوَاناً، وَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهُجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ» [[أخرجه البخاري (10/ 496) في الأدب، باب ما ينهى عن التحاسد والتدابر (6065) ، وباب الهجرة (7076) . ومسلم (4/ 1983- 1984) في البر والصلة، باب تحريم التحاسد والتباغض والتدابر (23- 24/ 2559) وأبو داود (2/ 695) في الأدب، باب فيمن يهجر أخاه المسلم (4910) ، والترمذي (4/ 90) في البر والصلة، باب ما جاء في الحسد (1935) ، ومالك في الموطأ (2/ 907) في المهاجرة، باب ما جاء في حسن الخلق، باب ما جاء في المهاجرة (14) . وأحمد (3/ 199، 201، 225، 277، 283) . والحميدي (1183) ، والطيالسي (2190) وعبد الرزاق (20222) ، وأبو يعلى (3261) والبيهقي (10/ 232) والبغوي في شرح السنة بتحقيقنا (6/ 490) برقم (3416) من طرق عن أنس.]] وأسند أبو عمر بن عبد البَرِّ عن الزُّبَيْر، قال: قال رسول الله ﷺ: «دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الأُمَمِ قَبْلَكُمْ: الحَسَدُ وَالبَغْضَاءُ، حَالِقَتَا الدِّينِ، لاَ حَالِقَتَا الشَّعْرِ» [[أخرجه الترمذي (4/ 664) كتاب «صفة القيامة» ، باب (56) رقم (2510) ، وأحمد (1/ 165، 167) ، وابن عبد البر في «التمهيد» (6/ 120) كلهم من طريق يحيى بن أبي كثير عن يعيش بن الوليد أن مولى الزبير حدثه أن الزبير بن العوام حدثه أن النبي ﷺ قال، فذكره. وقال الترمذي: هذا حديث قد اختلفوا في روايته عن يحيى بن أبي كثير، فروى بعضهم عن يحيى بن أبي كثير عن يعيش بن الوليد، عن مولى الزبير عن النبي ﷺ ولم يذكروا فيه عن الزبير. اهـ. والطريق المرسل الذي أشار إليه الترمذي: أخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» (6/ 121) . وهذا الحديث أخرجه البزار (2/ 418، 419- كشف) رقم (2002) من طريق موسى بن خلف عن يحيى بن أبي كثير عن يعيش بن الوليد مولى لآل الزبير عن ابن الزبير به. وقال البزار: هكذا رواه موسى بن خلف، ورواه هشام صاحب الدستوائي عن يحيى عن يعيش عن مولى للزبير عن الزبير. وقال الهيثمي في «المجمع» (8/ 33) : وإسناده جيد. قلت: وفيه نظر كما سيأتي فقال ابن أبي حاتم في «العلل» (2/ 327) رقم (2500) : سئل أبو زرعة عن حديث رواه موسى بن خلف عن يحيى بن أبي كثير عن يعيش مولى ابن الزبير عن الزبير أن النبي ﷺ-]] . انتهى من «التمهيد» . والعَفْوُ: تركُ العُقُوبةِ، والصفْح: الإِعراض عن المُذْنِبِ كأنَّه يولي صفحة العُنُق، قال ابنُ عَبَّاس: هذه الآية منسوخةٌ بقوله تعالى: قاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ [التوبة: 29] الآيةَ إلى قوله: صاغِرُونَ [[أخرجه الطبري (1/ 536) برقم (1799) ، والبيهقي في «الدلائل» (2/ 582) ، وذكره ابن عطية في تفسيره (1/ 196) ، والسيوطي في «الدر» (1/ 202) ، وعزاه لابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في «الدلائل» . وذكره الشوكاني في «تفسيره» (1/ 194) .]] . وقيل: بقوله: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ [[أخرجه الطبري (1/ 536) برقم (1799) عن ابن عباس، وعبد الرزاق في تفسيره (1/ 55) عن قتادة، والبيهقي في «الدلائل» (2/ 582) عن ابن عباس، وذكره السيوطي في «الدر» (1/ 202) عن ابن عباس، وعزاه لابن جرير، والبيهقي في «الدلائل» ، وابن أبي حاتم، وابن مردويه. وذكره الشوكاني في «تفسيره» (1/ 194) .]] [التوبة: 5] ، وقال قوم: ليس هذا حدَّ المنسوخِ لأن هذا في نفْس الأمر كان التوقيفَ على مدَّته. ت: وينبغي للمؤمن أَن يتأدَّب بآداب هذه الآية، وفي الحديث عن النبيّ ﷺ أَنَّهُ قَال: «أَلاَ أَدُلُّكُمْ على مَا يَرْفَعُ اللَّهُ بِهِ الدَّرَجَاتِ» ؟ قَالُوا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «تَحْلُمُ على مَنْ جَهِلَ عَلَيْكَ، وَتَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَكَ، وَتُعْطِي مَنْ حَرَمَكَ، وَتَصِلُ مَنْ قَطَعَكَ» خرَّجه النسائيُّ [[ذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (8/ 192) من حديث عبادة بن الصامت، وقال: رواه البزار، وفيه يوسف بن خالد السمتي، وهو كذاب.]] . انتهى من «الكوكب الدرِّيِّ» لأبي العبَّاس أحمد بن سعيد التُّجِيبِيِّ. وقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ: مقتضاه في هذا الموضِعِ: وَعْدٌ للمؤمنين. وقوله تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ ... الآية: قال الطبريُّ [[«تفسير الطبري» (2/ 506) .]] : إِنما أمر اللَّه المؤمنين هنا بالصَّلاة والزَّكاة ليحطَّ ما تقدَّم من ميلهم إِلى قول اليهودِ: راعِنا [البقرة: 104] لأنَّ ذلك نَهْيٌ عن نوعه، وقوله: تَجِدُوهُ، أي: تجدوا ثوابه، وروى ابن المبارك في «رَقَائِقِهِ» بسنده قال: «جَاءَ رجل من الأنصار إلى رسول الله ﷺ فقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَالِي لاَ أُحِبُّ المَوْتَ؟ فَقَالَ: هَلْ لَكَ مَالٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَقَدِّمْ مَالَكَ بَيْنَ يديك فإنّ المَرْءَ مَعَ مَالِهِ، إِنْ قَدَّمَهُ، أَحَبَّ أَنْ يلحقه، وإن خلفه، أحبّ التّخلّف» [[أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (ص 224) رقم (634) عن عبد الله بن عبيد به.]] . انتهى. 33 أوقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ خبرٌ في اللفظ، معناه الوعد والوعيد/.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب