الباحث القرآني

وقوله تعالى: فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ ... الآية: هذا أمر من اللَّه سبحانه للمؤمنين بالجهادِ، ويَشْرُونَ هنا: معناه: يَبِيعُونَ، ثم وصف سبحانه ثوابَ المقاتِلِينَ، والأجْرُ العظيمُ: الجَنَّة. وقوله تعالى: وَما لَكُمْ لاَ تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ... الآية: «ما» : استفهامٌ، وَالْمُسْتَضْعَفِينَ: عطْفٌ على اسمِ اللَّهِ عزَّ وجلّ، أي: وفي سبيل المستضعفين لإستنقاذِهِمْ، ويعني ب «المستضْعَفِينَ» : مَنْ كان بمكَّة تحت إذلال كفرة قريش، وفيهم كان ﷺ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ أَنْجِ المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ المُؤْمِنِينِ» [[أخرجه البخاري (2/ 572) ، كتاب «الاستسقاء» ، باب دعاء النبيّ ﷺ: «اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف» ، حديث (1006) ، ومسلم (1/ 446- 447) ، كتاب «المساجد» ، باب استحباب القنوت، حديث (275/ 295) من حديث أبي هريرة.]] ، وَالْوِلْدانِ: عبارة عن الصبيان، والْقَرْيَةِ هنا: مَكَّةٌ بإجماعٍ، والآيةُ تتناوَلُ/ المؤمنين والأسرى في حواضِرِ الشِّرْك إلى يوم القيامة. قال ابنُ العربيِّ [[ينظر: «أحكام القرآن» (1/ 459) .]] في «أحكامه» : قال علماؤُنَا (رحمهم اللَّه) : أوجَبَ اللَّهُ تعالى في هذه الآيةِ القِتَالَ لإستنقاذ الأسرى مِنْ يَدِ العدُوِّ، وقد روى الأئمّة أنّ النبيّ ﷺ قَالَ: «أَطْعِمُوا الجَائِعَ، وَعُودُوا المَرِيضَ، وَفُكُّوا العَانِيَ» [[أخرجه البخاري (6/ 193) في الجهاد: باب فكاك الأسير (3046) ، و (9/ 149) في النكاح: باب حق إجابة الوليمة والدعوة (5174) ، و (9/ 427) في الأطعمة: باب قول الله تعالى: كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ (5373) ، (10/ 117) في المرضى: باب وجوب عيادة المريض (5649) ، و (13/ 174) في الأحكام: باب إجابة الحاكم الدعوة (7173) ، وأبو داود (2/ 204) في الجنائز: باب الدعاء للمريض بالشفاء عند العيادة (3105) ، وأحمد (4/ 394، 406) ، وأبو داود الطيالسي (1/ 52) برقم (2136) ، والدارمي (2/ 223) ، والبيهقي (3/ 379) ، (10/ 3) ، والبغوي في «شرح السنة» (3/ 173) برقم (1401) عن منصور عن أبي وائل عن أبي موسى الأشعري مرفوعا به.]] . يعني: الأسيرَ، قال مالكٌ (رحمه اللَّه) : علَى النَّاسِ أَنْ يَفُكُّوا الأسرى بجميعِ أموالِهِمْ وكذلك قالُوا: عليهمْ أنْ يُوَاسُوهُمْ. انتهى. وقوله تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ... الآية: هذه الآيةُ تقتضِي تقْويَةَ قُلُوبِ المؤمِنِينَ وتَحريضَهُمْ، وقَرِينَةُ ذِكْرِ الشيطانِ بَعْدُ تدُلُّ على أَنَّ المرادَ بالطَّاغُوتِ هنا الشيطانُ، وإعلامُهُ تعالى بضَعْفِ كيدِ الشيطانِ فيه تقويةٌ لقلوب المؤمنِينَ، وتجرِئَةٌ لهم على مُقَارَعَةِ الكيدِ الضعيفِ فإنَّ العزم والحَزْم الذي يكون على حقائق الإيمان يكسره ويهدّه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب