الباحث القرآني

وقوله تعالى: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ ... الآية: قال ابنُ عباس (رضي اللَّه عنه) : لُعِنُوا بكلِّ لسانٍ لُعِنُوا في التوراةِ، وفي الزَّبُورِ، والإنجيلِ، والفُرْقَانِ [[أخرجه الطبري في «تفسيره» (4/ 656) (12303) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (2/ 223) .]] . وقوله سبحانه: كانُوا لاَ يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ ... الآية: ذَمَّ اللَّه سبحانه هذه الفِرْقَةَ الملْعُونَةَ بأنهم كانوا لا يَتَنَاهَوْن عن منكرٍ فعلوه، أي: أنهم كانوا يتجاهرون بالمعاصي، / وإن نهى منهم ناه، لم يمتنعْ عن مواصلةِ العاصِي، ومؤاكلتِهِ، وخُلْطَتِهِ ورَوَى ابن مسعود، قال: قال رسول الله ﷺ: «إنَّ الرَّجُلَ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ كَانَ، إذَا رأى أَخَاهُ على ذَنْبٍ، نَهَاهُ عَنْهُ تَعْذِيراً، فَإذَا كَانَ مِنَ الغَدِ، لَم يَمْنَعْهُ مَا رأى مِنْهُ أَنْ يَكُونَ أَكِيلَهُ أَوْ خَلِيطَهُ، فَلَمَّا رَأَى اللَّهُ تعالى ذَلِكَ مِنْهُمْ، ضَرَبَ بِقُلُوبِ بَعْضِهِمْ على بَعْضٍ، وَلَعَنَهُمْ على لِسَانِ نَبِيِّهِمْ دَاوُدَ وعيسى» ، قال ابنُ مسعود: وكانَ رسول الله ﷺ مُتَّكِئاً فَجَلَسَ، وَقَالَ: «لاَ، وَاللَّهِ حتى تَأْخُذُوا على يَدِ الظَّالِمِ، فَتَأطُرُوهُ عَلَى الحَقِّ أَطْراً» [[أخرجه الترمذي (5/ 252) كتاب «التفسير» ، باب سورة المائدة، حديث (3047) وأبو داود (2/ 524- 525) كتاب «الملاحم» ، باب الأمر والنهي، حديث (4336) وابن ماجة (2/ 1328) كتاب «الفتن» ، باب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، حديث (4006) من طريق علي بن بذيمة، عن أبي عبيدة، عن عبد الله بن مسعود به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وقد روي هذا الحديث، عن محمد بن مسلم بن أبي الوضاح، عن علي بن بذيمة، عن أبي عبيدة، عن عبد الله، عن النبيّ ﷺ وبعضهم يقول عن أبي عبيدة، عن النبيّ ﷺ مرسلا.]] ، والإجماعُ على أن النهْيَ عن المنْكَرِ- واجبٌ لمن أطاقه، ونهى بمعروفِ، أي: برفْقٍ، وقَوْلٍ معروفٍ، وأمْنِ الضرر عليه، وعلى المؤمنين، فإن تعذَّر على أحَدٍ النَّهْيُ لشيءٍ من هذه الوجوه، ففَرْضٌ عليه الإنكارُ بقلبه، وألاَّ يخالِطَ ذا المُنْكَرِ، وقال حُذَّاق أهْل العِلْم: لَيْسَ مِنْ شروط الناهِي أنْ يكون سليماً من المَعْصية، بل ينهَى العُصَاةُ بعضُهم بعضاً. وقوله سبحانه: لَبِئْسَ مَا كانُوا يَفْعَلُونَ: اللامُ لامُ قسَمٍ، وروى أبو داود عن أبي سعيدٍ الخدري، قال: قال رسول الله ﷺ: «أَفْضَلُ الجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ» ، أو قَالَ: «كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ أوْ أَمِيرٍ جَائِرٍ» [[أخرجه أبو داود (2/ 527- 528) ، كتاب «الملاحم» ، باب الأمر والنهي، حديث (4344) ، وابن ماجة (2/ 1329) كتاب «الفتن» ، باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حديث (4011) من طريق عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري به. وأخرجه الحميدي (752) ، والحاكم (4/ 505- 506) من طريق علي بن زيد بن جدعان، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري به. وقال الحاكم: تفرد به ابن جدعان، ولم يحتج به الشيخان وقال الذهبي في «التلخيص» : هو صالح الحديث.]] . انتهى. وقوله تعالى لنبيِّه محمَّد- عليه السلام-: تَرى كَثِيراً يحتمل أن تكون رؤيةَ عَيْن فلا يريد إلاَّ معاصريه، ويحتمل أنْ تكونَ رُؤْيَة قَلْب وعلى هذا، فيحتمل أن يريد المعاصرين له، ويحتمل أن يريد أسلافهم، والَّذِينَ كَفَرُوا: عبدة الأوْثَان. وقوله سبحانه: لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ ... الآية، أي: قدَّمته للآخرة، واجترحته، ثم فسَّر ذلك قولُه تعالى: أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ف أَنْ سَخِطَ: في موضع رَفْعٍ بدَلٍ من ما، ويحتمل أن يكون التقدير: هو أنْ سَخِطَ اللَّه عليهم. وقوله تعالى: وَالنَّبِيِّ إنْ كان المرادُ الأَسْلاَفَ، فالنبيُّ: داودُ وعيسى، وإنْ كان المرادُ معاصري نبيّنا محمّد ﷺ، فالمراد ب «النبيّ» هو ﷺ. وذهب بعضُ المفسِّرين إلى أنَّ قوله سبحانه: تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ كلامٌ منقطعٌ من ذكر بني إسرائيل، وأنه يعني به المنافقين ونحوه لمجاهد [[ذكره ابن عطية في «تفسيره» (2/ 225) .]] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب