وقوله: ﴿إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ﴾ العرب توقع سفِه على (نَفْسه) وهى مَعْرِفة. وكذلك قوله: ﴿بِطرت معِيشتها﴾ وهى من المعرفة كالنكرة، لأنه مفسِّر، والمفسِّر فى أكثر الكلام نكرة؛ كقولك: ضِقت بهِ ذَرْعا، وقوله: ﴿فَإنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَىءٍ مِّنْهُ نَفْساً﴾ فالفعل للذَرْع؛ لأنك تقول: ضاق ذَرْعى به، فلمَّا جعلت الضِيق مسنَدا إليك فقلت: ضقت جاء الَّذْرع مفسرا لأن الضيق فيه؛ كما تقول: هو أوسعكم دارا. دخلتِ الدار لتدلّ على أن السعة فيها لافى الرَّجُل؛ وكذلك قولهم: قد وَجِعْتَ بَطْنَك، ووثِقْتَ رأيك - أو - وَفِقْت، [قال أبو عبدالله: أكثر ظنِّى وثِقت بالثاء] إنما الفعل للأمر، فلمَّا أُسند الفعل إلى الرجُل صلح النصب فيما عاد بذكره على التفسير؛ ولذلك لا يجوز تقديمه، فلا يقال: رأيَه سَفِهَ زيدٌ، كما لا يجور دارا أنت أوسعهم؛ لأنه وإن كان معرفة فإنه فى تأويل نكرة، ويصيبه النصب فى موضع نصب النكرة ولا يجاوزه.
{"ayah":"وَمَن یَرۡغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبۡرَ ٰهِـۧمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفۡسَهُۥۚ وَلَقَدِ ٱصۡطَفَیۡنَـٰهُ فِی ٱلدُّنۡیَاۖ وَإِنَّهُۥ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّـٰلِحِینَ"}