وقوله: ﴿خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ يقول القائل: كيف قال: ﴿خَلَقَكُمْ﴾ لبنىآدم. ثم قال: ﴿ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ والزوج مخلوق قبل الوَلد؟ ففى ذلكَ وجهان من العربيّة: أحدهما: أن العرب إذا أخبرت عن رَجل بفعلين رَدّوا الآخر بِثُمَّ إذا كان هو الآخر فى المعْنى. وربّما جَعَلوا (ثُمَّ) فيما معناه التقديم وَيَجْعَلون (ثم) من خبر المتكلّم. من ذلكَ أن تقول: قد بلغنى ما صنعت يَومك هذا، ثمّ ما صَنعت أمس أعجبُ. فهذا نَسَق من خبر المتكلّم. وَتقول: قد أعطيتكَ اليوم شيئاً، ثم الذى أعطيتك أمس أكثر، فهذا من ذلكَ.
وَالوجه الآخر: أن تجعل خَلْقَه الزوج مردوداً على (وَاحدة) كأنه قال: خلقكم من نفسٍ وَحدها، ثمّ جَعَل منها زوجهَا. ففى (وَاحدةٍ) مَعْنى خَلْقها وَاحدة.
قال: أنشدنى بعض العرب: أعددتَه للخَصْم ذى التعدّى * كوّحتَه منك بُدون الجَهْد ومعناه الذى إذا تعدى كوَّحتَه، وكوَّحَته: غلبته.
{"ayah":"خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسࣲ وَ ٰحِدَةࣲ ثُمَّ جَعَلَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ ٱلۡأَنۡعَـٰمِ ثَمَـٰنِیَةَ أَزۡوَ ٰجࣲۚ یَخۡلُقُكُمۡ فِی بُطُونِ أُمَّهَـٰتِكُمۡ خَلۡقࣰا مِّنۢ بَعۡدِ خَلۡقࣲ فِی ظُلُمَـٰتࣲ ثَلَـٰثࣲۚ ذَ ٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡ لَهُ ٱلۡمُلۡكُۖ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَۖ فَأَنَّىٰ تُصۡرَفُونَ"}