وقوله: ﴿عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾ هذا أمر من الله عزّ وجلّ؛ كقولك: عليكم أنفسكم. والعرب تأمر من الصفات بغليك، وعندك، ودونك، وإليك. يقولون: إليك إليك، يريدون: تأخّر؛ كما تقول: وراءك وراءك. فهذه الحروف كثيرة. وزعم الكسائىّ أنه سمع: بينكما البعير فخَذاه. فأجاز ذلك فى كلّ الصفات التى قد تُفرد، ولم يُجِزه فى اللام ولا فى الباء ولا فى الكاف. وسمع بعض العرب تقول: كما أنت زيدا، ومكانَك زيدا. قال الفراء: وسمعت [بعض] بنى سُلَيم يقول فى كلامه: كما أَنتَنِى، ومكانَكَنِى، يريد انتظرنى فى مكانك.
ولا تقدّمنّ ما نصبته هذه الحروفُ قبلها؛ لأنها أسماء، والاسم لا يَنصب شيئا قبله؛ تقول: ضرباً زيدا، ولا تقول: زيدا ضربا. فإن قلته نصبت زيدا بفعل مضمر قبله كذلك؛ قال الشاعر: * يأيها المائِح دلوى دونكا * إن شئت نصبت (الدلو) بمضمر قبله، وإن شئت جعلتها رفعا، تريد: هذه دلوى فدونكا.
﴿لاَ يَضُرُّكُمْ﴾ رفع، ولو جزمت كان صوابا؛ كما قال (فاضرِبْ لهم طَرِيقا فِى البحر يَبَسا لا تخَفْ، ولا تخافُ) جائزان.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ عَلَیۡكُمۡ أَنفُسَكُمۡۖ لَا یَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا ٱهۡتَدَیۡتُمۡۚ إِلَى ٱللَّهِ مَرۡجِعُكُمۡ جَمِیعࣰا فَیُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ"}