الباحث القرآني

* اللغة: (صَرْحاً) : الصرح- كما في المصباح- بيت واحد يبنى مفردا طولا ضخما، وقال في الكشاف: «الصرح البناء الظاهر الذي لا يخفى على الناظر وإن بعد، اشتقوه من صرح الشيء إذا ظهر وهذه المادة عجيبة في مدلولها إنها تدل في جميع مشتقاتها على الظهور والإبانة، قالوا: لبن صريح: ذهبت رغوته وخلص وعربي صريح من عرب صرحاء: غير هجناء ونسب صريح وكأس صراح: لم تمزج وصرّحت الخمرة: ذهب عنها الزبد ولقيته مصارحة: مجاهرة وصرّح النهار: ذهب سحابه وأضاءت شمسه قال الطرماح في وصف ذئب: إذا امتلّ يعدو قلت ظلّ طخاءة ... ذرى الريح في أعقاب يوم مصرح وصرح بما في نفسه وبني صرحا وصروحا وقعد في صرحة داره: في ساحتها. (الْأَسْبابَ) : جمع سبب وأسباب السموات مراقيها أو نواحيها أو أبوابها والسبب أيضا الحبل وما يتوصل به إلى غيره وقد جمع زهير بينهما بقوله: ومن هاب أسباب المنايا ينلنه ... وإن يرق أسباب السماء بسلم والسبب أيضا من مقطعات الشعر حرف متحرك وحرف ساكن أو حرفان متحركان والأول يسمى خفيفا والثاني ثقيلا» . (تَبابٍ) : خسار وهوان وفي القاموس «التبّ والتّبب والتّباب والتبيب والتتبيب: النقص والخسار وتبّا له، وتبّا تبيبا مبالغة» . (لا جَرَمَ) : تقدم بحثها وسيأتي مزيد تفصيل عنها في باب الفوائد. * الإعراب: (وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ) الواو عاطفة وقال فرعون فعل وفاعل ويا حرف نداء وهامان منادى مفرد مبني على الضم وابن فعل أمر مبني على حذف حرف العلة وفاعله مستتر تقديره أنت والجملة مقول قول فرعون ولي متعلقان بمحذوف حال أو بابن وصرحا مفعول به ولعل واسمها وجملة أبلغ الأسباب خبر لعل. (أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً) أسباب السموات بدل من الأسباب بدل كل من كل وفائدة البدل أن الشيء إذا أبهم ثم أوضح كان تفخيما لشأنه وهذا هو مراد فرعون، فأطلع الفاء فاء السببية وأطلع فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد فاء السببية جوابا للأمر وهو ابن أو جوابا للترجي وهو لعلي أبلغ وقرىء بالرفع على أن الفاء عاطفة فهو داخل في حيز الترجي وسيأتي مزيد بحث عنه في باب الفوائد والى إله موسى متعلقان بأطلع واني الواو عاطفة وإن واسمها واللام المزحلقة وأظنه فعل مضارع والهاء مفعول به أول وكاذبا مفعول به ثان والجملة خبر إن. (وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ) الكاف نعت لمصدر محذوف وزين فعل ماض مبني للمجهول ولفرعون متعلقان بزين وسوء عمله نائب فاعل وصدّ عطف على زين وصد فعل ماض مبني للمجهول بضم الصاد وفتحها وكلتا القراءتين سبعية وعن السبيل متعلقان بصد. (وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ) الواو عاطفة أو حالية وما نافية وكيد فرعون مبتدأ وإلا أداة حصر وفي تباب خبر كيد. (وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ) عطف على ما تقدم وقال الذي فعل ماض وفاعل وجملة آمن صلة ويا قوم نداء تقدم إعرابه واتبعون فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل والنون للوقاية وياء المتكلم المحذوفة لأنها من ياءات الزوائد في محل نصب مفعول وأهدكم فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب وعلامة جزمه حذف حرف العلة والفاعل مستتر تقديره أنا والكاف مفعول به وسبيل الرشاد مفعول به ثان أو منصوب بنزع الخافض والرشاد اسم للمصدر لرشد. (يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ) سيأتي في باب البلاغة سر تكرير النداء واقترانه بالواو في النداء الثالث كما سيأتي. وإنما كافة ومكفوفة وهذه مبتدأ والحياة بدل والدنيا نعت ومتاع خبر وان الآخرة إن واسمها وهي ضمير فصل أو مبتدأ ودار القرار خبر إن أو خبر هي والجملة خبر إن. (مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها) من اسم شرط جازم مبتدأ وعمل فعل ماض في محل جزم فعل الشرط وسيئة مفعول به والفاء رابطة ولا نافية ويجزى فعل مضارع مبني للمجهول ونائب الفاعل مستتر تقديره هو وإلا أداة حصر ومثلها مفعول يجزى الثاني. (وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ) . الواو عاطفة ومن شرطية مبتدأ وعمل فعل ماض فعل الشرط وصالحا مفعول به أو نعت لمصدر محذوف أي عملا صالحا ومن ذكر حال أو أنثى عطف على من ذكر، وهو مؤمن الواو للحال وهو مبتدأ ومؤمن خبر والجملة نصب على الحال. (فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ) الفاء رابطة وأولئك اسم إشارة مبتدأ وجملة يدخلون الجنة خبر أولئك والجملة في محل جزم جواب الشرط وجملة يرزقون حال والواو نائب فاعل وفيها حال وبغير نعت للمفعول به المحذوف أي يرزقون رزقا واسعا بلا حساب ولا تبعة. (وَيا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ) عطف على ما تقدم وما اسم استفهام مبتدأ ولي خبره وجملة أدعوكم حالية والى النجاة متعلقان بأدعوكم وتدعونني إلى النار عطف على أدعوكم إلى النجاة. (تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ) جملة تدعونني بدل وجملة وتدعونني بمثابة التعليل ولأكفر اللام للتعليل وأكفر فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل والفاعل مستتر تقديره أنا وبالله متعلقان بأكفر وأشرك عطف على لأكفر وما مفعول به وجملة ليس لي به علم صلة وليس فعل ماض ناقص ولي خبرها المقدم وبه متعلقان بعلم وعلم اسم ليس المؤخر. (وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ) الواو عاطفة وأنا مبتدأ وجملة أدعوكم خبر وإلى العزيز الغفار متعلقان بأدعوكم. (لا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ) لا نافية وجرم فعل ماض بمعنى حق ووجب وأن وما في حيزها فاعل جرم أي حق ووجب بطلان دعوته وأن واسمها وحقها أن تكتب مفصولة لأن ما اسم موصول بمعنى الذي لكنها رسمت موصولة اتباعا لسنة المصحف وجملة تدعونني صلة وإليه متعلقان بتدعونني وجملة ليس خبر أن وله خبر ليس المقدم ودعوة اسمها المؤخر وفي الدنيا نعت ولا في الآخرة عطف على في الدنيا. (وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ) عطف على ما تقدم وأن واسمها والى الله خبرها وان المسرفين عطف أيضا وهم ضمير فصل لا محل له أو مبتدأ وأصحاب النار خبر أن أو خبر هم والجملة خبر أن. (فَسَتَذْكُرُونَ ما أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ) الفاء الفصيحة والسين حرف استقبال وتذكرون فعل مضارع والواو فاعل وما مفعول به وجملة أقول صلة ولكم متعلقان بأقول وأفوض عطف وأمري مفعول به والى الله متعلقان بأفوض أي إذا نزل بكم العذاب. (إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) إن واسمها وبصير خبرها وبالعباد جار ومجرور متعلقان ببصير. (فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ) الفاء عاطفة على محذوف يقتضيه السياق أي لما توعدوه بالقتل وقصدوه به فعلا هرب منهم ولاذ بالمغاور وشعاب الجبال فطلبوه فلم يقدروا عليه فوقاه الله. ووقاه الله فعل ماض ومفعول به مقدم وفاعل مؤخر وسيئات مفعول به ثان أو نصب بنزع الخافض وما مصدرية أو موصولة أي سيئات مكرهم به أو سيئات الذي مكروا به وحاق فعل ماض وبآل فرعون متعلقان بحاق وسوء العذاب فاعل. (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا) النار خبر مبتدأ محذوف أي هو أي سوء العذاب ويجوز أن تعرب بدلا من سوء العذاب ويجوز أن تعرب مبتدأ وجملة يعرضون خبر وعلى الوجهين الأولين تعرب جملة يعرضون حالا وقرىء النار بالنصب على الاختصاص بفعل محذوف وعليها متعلقان بيعرضون وغدوا وعشيا ظرفان متعلقان بيعرضون أيضا. (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ) الظرف متعلق بقول محذوف أي يقال لهم يوم تقوم الساعة وجملة أدخلوا مقول القول ويجوز أن يتعلق بأدخلوا أي ادخلوا يوم تقوم الساعة وعلى هذين الوجهين يكون الوقف تاما على قوله وعشيا ويجوز أن يكون معطوفا على الظرفين قبله فيكون متعلقا بيعرضون والوقف على هذا الوجه على قوله الساعة وادخلوا مقول قول مقدر أي يقال لهم كذا وكذا وأدخلوا فعل أمر من أدخل وآل فرعون مفعول به أول وأشد العذاب مفعول به ثان وقرىء أدخلوا بهمزة الوصل من دخل يدخل فآل فرعون حينئذ منادى حذف منه حرف النداء وأشد العذاب مفعول به. * البلاغة: في تكرير نداء قومه مبالغة في التنبيه والتحدي وقرع العصا وإمحاض النصيحة والإيقاظ من سنة الغفلة، كأنما عز عليه أن يستهدفوا للمصير المحزن الذي سيصيرون إليه وكأنه مترجح بين التلطف بهم لأن ما يحزنهم يحزنه وما يسوءهم يسوءه فهم قومه على كل حال، وقد سدروا في متاهات الغفلة وقد سبق تقرير هذا الموقف في مناصحة إبراهيم لأبيه عند ما كرر نصيحته إليه متلطفا بقوله: يا أبت مكررا. هذا وقد جيء بالواو في النداء الثالث خلافا لأن النداء الثاني بمثابة بيان للأول وتفسير له فأعطي حكمه في عدم دخول الواو عليه وأما الثالث فداخل على كلام ليس بتلك المثابة. * الفوائد: 1- في نصب قوله «فأطلع» ثلاثة أوجه: أ- انه جواب للأمر وهو قوله ابن لي فنصب بأن مضمرة بعد الفاء في جوابه ومثاله في الشعر قول أبي النجم العجلي: يا ناق سيري عنقا فسيحا ... إلى سليمان فنستريحا ب- إنه جواب للترجي والى هذا نحا الزمخشري قال: «وقرىء فأطلع بالنصب على أنه جواب الترجي تشبيها للترجي بالتمني» . ج- انه معطوف على التوهم لأن خبر لعل كثيرا ما جاء مقرونا بأن في النظم والنثر فمن نصب توهم أن الفعل المرفوع الواقع خبرا منصوب بأن والعطف على التوهم كثير وان كان غير مقيس. 2- لا جرم: بسطنا القول في هود حول «لا جرم» وأوردنا الأوجه المستفيضة فيها وقد اخترنا في الإعراب ما ذهب إليه الخليل وسيبويه وجمهور البصريين فتكون «لا» ردا لما دعاه إليه قومه و «جرم» بمعنى كسب أي وكسب دعاؤهم إليه بطلان دعوته أي ما حصل من ذلك إلا ظهور بطلان دعوته، ويجوز أن يكون «لا جرم» نظير «لا بد» من الجرم وهو القطع فكما أنك تقول لا بد لك أن تفعل، والبد من التبديد الذي هو التفريق ومعناه لا مفارقة لك من فعل كذا فكذلك «لا جرم» معناه لا انقطاع لبطلان دعوة الأصنام بل هي باطلة أبدا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب