قوله: ﴿وَلَوْ يُعَجِّلُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ ٱلشَّرَّ ٱسْتِعْجَالَهُمْ بِٱلْخَيْرِ﴾.
* * *
قوله: ﴿ٱسْتِعْجَالَهُمْ بِٱلْخَيْرِ﴾ تقديره عند سيبويه: "تعجيلاً مثل استعجالهم بالخير" ثم حذف تعجيلاً، وأقام صفته (مقامه)، ثم حذف صفته وأقام المضاف إليه مقامه، وحكى "زيد: شرب الإبل" أي: يشرب شرباً مثل شرب الإبل.
وقال الأخفش والفراء: التقدير: ﴿وَلَوْ يُعَجِّلُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ﴾ الشر مثل استعجالهم بالخير، ثم حذف المضاف. ويلزمهما على هذا أن يجيزا. زيد الأسَد فينصب "الأسَد" أي: مثل الأسَد. وهذا لا يجيزه أحدٌ.
ومعنى الآية: ولو يعجل الله للناس إجابة دعائهم في الشر - أي: فيما عليهم فيه مضرة في نفس، أو مال، أو ولد، وذلك عند الغضب - كما يستعجلون بالخير إذا دعوا في سؤالهم الرحمة، والرزق.
﴿لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ﴾ أي: لماتوا. قال مجاهد: هو قول الإنسان لولده، ولماله إذا غضب: اللهم لا تُبَارِكْ فِيهِ والْعَنْهُ ونحو ذلك، ولو عجل الله الإجابة فيه كما يريدون أن تستعجل لهم الإجابة في الخير إذا دَعَوا لأهلكهم.
وقد قيل: إن هذا إنما هو قولهم:
﴿ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الأنفال: ٣٢]. فلو عجل لهم ذلك لهلكوا.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿فَنَذَرُ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا﴾ (معناه): ندع الذين لا يخافون البعث، لا نُهْلِكُهُم إلى مدتهم، ولكن نذرهم ﴿فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ أي: في ضلالتهم يَتَحَيَّرُونْ. وهو مثل قوله: ﴿إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوۤاْ إِثْمَاً﴾ [آل عمران: ١٧٨].
{"ayah":"۞ وَلَوۡ یُعَجِّلُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ ٱلشَّرَّ ٱسۡتِعۡجَالَهُم بِٱلۡخَیۡرِ لَقُضِیَ إِلَیۡهِمۡ أَجَلُهُمۡۖ فَنَذَرُ ٱلَّذِینَ لَا یَرۡجُونَ لِقَاۤءَنَا فِی طُغۡیَـٰنِهِمۡ یَعۡمَهُونَ"}