الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ ٱئْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ﴾ إلى قوله: ﴿وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ﴾. والمعنى: إنه الملعون، قال لقومه، جئوني بكل ساحر عليم بالسحر. ومن قرأ "سحَّار" فعلى المبالغة. * * * قوله: ﴿فَلَمَّا جَآءَ ٱلسَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مُّلْقُونَ﴾ يعني: من حبالهم، وعصيهم، وفي الكلام اختصار، والمعنى: فأَتَوْه بالسحرة ﴿فَلَمَّا جَآءَ ٱلسَّحَرَةُ﴾ فرعون بفعلهم ﴿قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مُّلْقُونَ﴾ ﴿فَلَمَّآ أَلْقُواْ﴾ أي: ألقَوْا حبالهم وعصيهم. قال موسى: ﴿مَا جِئْتُمْ بِهِ ٱلسِّحْرُ﴾ من استفهم جعل "ما" في موضع نصب، كما تقول: أزَيْداً مررت به، أو في موضع رفع بالابتداء. و "جئتم به": الخبر، ومعناه: التوبيخ والتقصير لما جاؤوا به. السحر على إضمار مبتدأ: أي: هُوَ السحْرُ، أو على إضمار خبر، أي: أسحر هو. ومن قرأ بغير استفهام "فما" بمعنى: "الذي" في موضع رفع بالابتداء. والسحر: الخبر. وهو خبر عن قول موسى لهم، وهو الاختيار. لأن موسى قد عَلِمَ أنهم لا شيء عندهم إلا السحر، وأن فرعون بعث وراء السحرة في سائر البلدان. فاستفهام موسى عما أتوا به، هل هو سحر لا معنى له: وقد احتج اليزيدي بقراءة أبي عمرو بالمد بقوله: "آسِحْرٌ" هذا وهذا منه غلط عند النحويين، لأن موسى استفهم بقوله: آسِحْرٌ، عن سحر السحرة، فهو استرشاد. وفيه معنى النهي لهم عن ذلك. واستفهم بقوله: أسحر هذا عما جاء هو به من عند الله عز وجل، على معنى التوبيخ، والتقرير لهم. وفيه معنى الدعاء لهم. ليقبلوه، فبينهما بعد في المعنى، ودخلت الألف واللام لتقدم ذكر السحر في قوله: ﴿أَسِحْرٌ هَـٰذَا﴾ وعلى هذا يقال في أول الكتب: سلام عليك، وفي الآخر: والسلام عليك، وكذلك لو قال قائل: "وجدت درهماً" فسألته عن موضع الدرهم لقلت: "وأين الدرهم، ويُفْتَح" وأين درهم. وأجاز الفراء نصب السحر على أن تجعل "ما" شرطاً، وتحذف الفاء من "أن". وذلك لا يجوز إلا في الشعر. * * * ومعنى ﴿سَيُبْطِلُهُ﴾: أي: سيذهب به الله. فذهب به تعالى بأن سلط عليه عصا موسى، فحولها ثعباناً، فلقفته كله. ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ ٱلْمُفْسِدِينَ﴾ أي: عمل من سعى بالفساد في الأرض، ﴿مَا جِئْتُمْ بِهِ﴾: وقف على قراءة من استفهم، و (السحر): وقف على قراءة من لم يستفهم. * * * ثم قال تعالى: ﴿وَيُحِقُّ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ﴾: هذا إخبار من الله عز وجل عن قول موسى للسحرة. والمعنى: ويثبت الحق الذي جئتم به. ﴿بِكَلِمَاتِهِ﴾: أي: بأمره، ﴿وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ﴾: أي: ولو كره الذين اكتسبوا الإثم بمعصيتهم ربهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب