الباحث القرآني

قوله: ﴿وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِيۤ إِنْ أَرَدْتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ﴾ إلى قوله ﴿يَفْعَلُونَ﴾. والمعنى: وليس ينفعكم تحذيري إياكم عقوبة على كفركم. ﴿إِن كَانَ ٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ﴾ أي: يهلككم. وقيل: معناه: يحييكم، وحكي عن بعض العرب أنها تقول: أصبح فلاناً غاوياً: أي: مريضاً. وهذه الآية من أبْيَنِ آية في أن الأمر كله لله عز وجل، يضل من يشاء، ويهدي من يشاء، لا مُعْقِب لحكمه يفعل ما يشاء. وقد قالت المعتزلة: إن معنى: "أن يغويكم: أن يهلككم، وكذبوا على الله، سبحانه، وعلى لغة العرب: ولو كان الأمر كما قالوا، لكان معنى قوله: ﴿قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَيِّ﴾ [البقرة: ٢٥٦]: من الهلاك، وهذا لا معنى له. إنما هو الضلال، الذي هو نقيض الرشد. ولكان معنى قوله: ﴿وَعَصَىٰ ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ﴾ [طه: ١٢١]: فهلك، ولم يهلك إنما ضل. ولكان معنى قوله: ﴿ٱلَّذِينَ أَغْوَيْنَآ أَغْوَيْنَاهُمْ﴾ [القصص: ٦٣] بمعنى الهلاك، ولا معنى لذلك، إنما هو بمعنى الضلال كُله. ولكان قوله: ﴿وَلأُغْوِيَنَّهُمْ﴾ [الحجر: ٣٩] بمعنى: لأهلِكَنَّهُم: وهذا لا يقوله أحد، ولا معنى له. وقوله تعالى: ﴿فَسَوْفَ يَلْقَونَ غَيّاً﴾ [مريم: ٥٩] معناه: هلاكاً. ﴿هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾: أي: بعد الهلاك. * * * ثم قال تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ﴾: أي: أيقولون؟ وهذه "أم" المنقطعة بمعنى الألف، أي: اختلقَه. وهذا خطاب للنبي ﷺ. والمعنى: أيقول قومك: اختلق هذا الخبر عن نوح عليه السلام، قل لهم: يا محمد! ﴿قُلْ إِنِ ٱفْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي﴾: أي: إثم جرمي، لا تؤخذون به، ﴿وَأَنَاْ بَرِيۤءٌ﴾ من إثم جرمكم، ولا آخذ به. يقال: أجرم فلان: أي: كسب الإثم. وأجاز أبو إسحاق "أجرامي" بفتح الهمزة جمع جرم. * * * ثم قال تعالى: ﴿وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ﴾ والمعنى: إنه لما حَقَّ عليهم العذاب، أعلم أنه لن يؤمن أحد ممن بقي، ﴿فَلاَ تَبْتَئِسْ﴾: أي: لا تحزَنْ على فعلهم، وكفرهم، وذلك حين قال: ﴿رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى ٱلأَرْضِ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ دَيَّاراً﴾ [نوح: ٢٦].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب