الباحث القرآني

قوله: ﴿فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُوۤاْ أَن يَجْعَلُوهُ﴾: أي: أجمع رأيهم، وعزموا على ذلك. ﴿وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ﴾: أي: لتخبرنهم بما صنعوا بك، وهم لا يعلمون بك. قال الضحاك: لما ألقي يوسف في الجب، نزل إليه جبريل، عليه السلام، فقال له: يا يوسف: ألا أعلمك كلمات إذا أنت قلتهنَّ عجل الله لك بخروجك من هذا الجب. فقال: نعم، فقال له جبريل، صلوات الله عليه،: قل يا صانع كل مصنوع، ويا جابر كل كسير، ويا شاهد كل نجوى ويا حاضر كل ملأ، ويا مفرج كل كربة، ويا صاحب كل غريب، ويا مؤنس كل وحشة: أيتني بالفرج والرخاء، وأقذف رجاءك في قلبي حتى لا أرجو أحداً سواك. فردَّدَها يوسف عليه السلام، في ليلته مراراً فأخرجه الله عز وجل، في صبـ [يـ]ـحة يومه ذلك من الجب. وقال السدي: خرجوا به، وله عليهم كرامة، فلما برزوا به إلى البرية أظهروا له العداوة، وجعل أخوه يضربه، فيستغيث بالآخر (فيضربه فجعل "لا يرى منهم رحيماً" فضربوه حتى كادوا يقتلونه. فجعل يصيح، ويقول: يا أبتاه! يا يعقوب! لو علمت ما صنع بابنك بنو الإماء. فلما كادوا يقتلونه، قال يهوذا: أليس قد أعطيتموني موثقاً من الله لا تقتلونه. فانطلقوا به إلى الجب ليطرحوه، فجعلوا يدلونه في البئر وهو يتعلق بشفير البئر. فربطوا يديه ونزعوا عنه قميصه. فقال: يا (أ)خوتاه: ردوا عليّ قميصي، أتوارى به في الجب. فقالوا له: ادع الشمس والقمر، والأحد عشر كوكباً ليُؤنسوكَ. فدلوه في البئر حتى إذا بلغ نصفها ألقوه إرَادَةَِ أن يموت. فكان في البير ماء، فسقط فيه ثم أوى إلى صخرة فيها. فقام عليها، وجعل يبكي، فنادوه، فظن أنها رحمة منهم، أدركتهم عليه. فأجابهم فأرادوا أن يرضخوه بصخرة فيقتلوه. فقام يهوذا فمنعهم، وقال: قد أعطيتموني موثقاً ألا تقتلوه. وقيل: كان الجب الذي ألقوه فيه، لا ماء فيه. فأحدث الله فيه ماء، حتى مال إليه الناس. وكان يهوذا يأتيه بالطعام. والواو في "وأجمعوا" زائدة للتأكيد، وهو جواب "لما". * * * قوله: ﴿وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ﴾: أي: إلى يوسف لتُخْبرن إخوتك بأمرهم هذا الذي صنعوا بك، وهم لا يعلمون، ولا يدرون. (و) هذا يدل على أنه أوحي إليه قبل البلوغ (بإلهامٍ)، أو في منام، أو برسول. وقيل: المعنى "أوحى الله عز وجل إليه لتخبرنهم بما" ﴿صَنَعُواْ﴾، وهم لا يشعرون بالوحي الذي أوحى "الله عز وجل" إليه. قال مجاهد، وابن زيد: وقيل: المعنى: ﴿وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ﴾، (أن) الذي يخبرهم بصنيعهم هو يوسف. وقيل: المعنى: ﴿وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ﴾ أنه نبي يوحى إليه. وقيل: الهاء ليعقوب، أي: أوحى الله إلى يعقوب أن ابنك كاده إخوته، ولَتَعْرِفنهم بكيدهم، ﴿وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ﴾: أي: وإخوة يوسف "لا يشعرون بالوحي إلى يعقوب". (قال ابن عباس: لما دخل إخوة يوسف) على يوسف. (عرفهم)، ﴿وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ﴾ [يوسف: ٥٨]. فقال: جئ بالصواع. فوضعه على يديه، (ثم) نقره، فطن فقال: إنه ليخبرني هذا الجام أنه كان لكم أخ من أبيكم، يقال له: يوسف، يدنيه دونكم، وأنكم انطلقتم به، فألقيتموه في غيابات الجُبّ. قال: ثم نقره، فطَنَّ فأتيتم أباكم فقلتم: إن الذئب أكله، وجئتم على قميصه بدم كذب. فقال بعضكم لبعض: إن هذا الجام ليخبره بخبركم. فذلك معنى ﴿لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَـٰذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ﴾ أنك يوسف.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب