الباحث القرآني

وقوله: ﴿إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ﴾ إلى قوله: ﴿لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً﴾. المعنى: أن الله أخبرنا عما قال لبني إسرائيل في التوراة لنتأسى بذلك ﴿إِنْ أَحْسَنْتُمْ﴾، يا بني إسرائيل أي: [إن] أطعتم الله فيما أمركم به على نعمه عندكم إذا دلكم من عدوكم ﴿أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ﴾ أي: ما فعلتم من ذلك لأنفسكم تفعلوه، وعليكم يعود نفعه. ﴿وَإِنْ أَسَأْتُمْ﴾ أي: عصيتم الله [عز وجل] ﴿فَلَهَا﴾ أي: فإلى أنفسكم تسيئون. لأن ضرره عليكم يعود. وقيل: معنى ﴿فَلَهَا﴾ أي: إليها. كما قال: ﴿أَوْحَىٰ لَهَا﴾ [الزلزلة: ٥] أي: إليها. أي: فإلى أنفسكم يعود الضرر. وقيل: اللام على بابها [على معنى] فلها يكون العقاب على الإساء. * * * ثم قال تعالى: ﴿فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ﴾. والمعنى: فإذا جاء الفساد الثاني من فسادكم يا بني إسرائيل، وهو قتلهم يحيى على ما ذكرنا ﴿بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ﴾ أي: خلينا بينكم وبينهم، ولم نمنعهم منكم. فبعث الله عليهم بختنصر فقتل المقاتلة وسبى الذراري وأخذ ما وجد من الأموال ودخلوا بين المقدس. وهو قوله: ﴿وَلِيَدْخُلُواْ [ٱلْمَسْجِدَ] كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ فتبروه وخربوه وألقوا فيه الجيف والعذرة. وقيل: [ليسوءا] معناه: أمرناهم بغزوكم بما عصيتم وأفسدتم. ﴿لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ﴾ [أي]: ليسوء المبعوثون عليكم وجوهكم. ومن قرأ بفتح الهمزة، فمعنى: "ليسوء" الوعد بسوء الله. أو ليسوء العذاب. ومن قرأ بالنون فهو على الأخبار عن الله جل ذكره. * * * وقوله: ﴿وَلِيَدْخُلُواْ ٱلْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾. أي: كما دخلوه في الانتقام منكم في فسادكم الأول. * * * وقوله: ﴿وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً﴾ . قال قتادة معناه: ما علوا عليه. وقيل معناه: ويتبروا ما داموا عالين. وحقيقة أن ما، وما بعدها في موضع نصب على الظرف. والتقدير: وليتبروا وقت غلبتهم. والتتبير التدمير. * * * وقوله: ﴿مَا عَلَوْاْ﴾ عند الزجاج [ما] في موضع الحال. أي: وليدمروا في حال علوهم. * * * ثم قال تعالى: ﴿عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا﴾. المعنى: لعل ربكم يا بني إسرائيل أن يرحمكم بعد انتقامه منكم بالقوم الذين يبعثهم عليكم. و ﴿عَسَىٰ﴾ من الله واجبة وقد فعل بهم ذلك فكثر عددهم وجعل منهم الملوك والأنبياء. * * * ثم قال: ﴿وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا﴾. أي: [و]إن عدتم [لـ]ـمخالفة أمري، وقتل أنبيائي عدنا عليكم بالقتل والسباء والذلة والصغار. فعادوا، فعاد الله عليهم بذلك. إذ بعث محمداً ﷺ. قال ابن عباس: عادوا فعاد، ثم عادوا فعاد. فسلط الله عليهم ثلاثة ملوك فارس. وعنه: عادوا فسلط الله عليهم المؤمنين. وقال قتادة: عادوا فسلط الله عليهم محمداً [ﷺ] يعطونه الجزية عن يد وهم صاغرون. وقال الضحاك: الرحمة هنا بعث محمد ﷺ. وقال الأخفش: المعنى: عسى ربكم أن يرحمكم إن فعلتم ذلك. * * * ثم قال: ﴿وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً﴾. أي: سجناً يسجنون فيها. قاله قتادة وغيره. وقال ابن عباس: ﴿حَصِيراً﴾ مأوى. وقال الحسن: ﴿حَصِيراً﴾ بساطاً ومهاداً كما قال: ﴿لَهُمْ مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ﴾ [الأعراف: ٤١]. ويقال للملك: ﴿حَصِيراً﴾ بمعنى محصوراً لأنه محجوب عن الناس. ويقال للبخيل: حصوراً وحصيراً لمنعه ما عنده، ومنه الحصر في المنطق لأنه يمتنع عليه الكلام. ومنه الحصور عن النساء لامتناع الجماع عليه، ومنه الحصر في الغائط إذا احتبس عليه. وقيل للحصير المنسوج حصيراً، لأنه حُصِرت جوانبه عن أن تنفلت. وقيل: لأنه حصرت طاقـ[ـا]ته بعضها من بعض.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب