الباحث القرآني

قوله: ﴿فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي ٱلْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً﴾ إلى قوله: ﴿إِذاً شَطَطاً﴾. المعنى: وضربنا على آذانهم بالنوم، أي ألقينا النوم عليهم. وإنما ذكر الأذان لأن النوم يمنعهم من السماع. وأتى في هذا ضرب بمعنى ألقى. كما يقال: ضربك الله بالفالج، أي: ألقاه عليك وابتلاك. * * * وقوله: ﴿عَدَداً﴾ توكيد لسنين وقيل: أتى بأنه لا يفيد معنى الكثرة. لأن القليل لا يحتاج إلى عدد إذ قد عرف معناه ومقداره. * * * ثم قال: ﴿ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ﴾ أي: نبهناهم من نومهم ﴿لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُواْ أَمَداً﴾ أي: لنعلم من يهتدي من عبادي بالبحث إلى مقدار مبلغ مكث الفتية في كهفهم والأمد الغاية. وقد اختلف في مقدار إقامتهم طائفتان من الكفار من قوم الفتية، قاله مجاهد: وقيل: بل اختلف في ذلك طائفة مؤمنة وطائفة كافرة. وقيل: الحزبان أصحاب الكهف والقوم الذين كانوا أحياء في وقت بعثهم. ومعنى: ﴿لِنَعْلَمَ﴾ أي: علم مشاهدة، وإلا فقد علم ذلك تعالى ذكره قبل خلق الجميع، ومعنى الكلام التوقف على النظر في معرفة مقدار لبثهم. كما تقول لمن أتى بالباطل: جئ ببرهانك حتى أعلم أنك صادق. ومعنى: ﴿أَمَداً﴾ عدداً، قاله مجاهد، وقال: ابن عباس ﴿أَمَداً﴾: بعيداً. ثم قال: تعالى: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ [عَلَيْكَ] نبَأَهُم بِٱلْحَقِّ﴾ أي: نخبرك يا محمد خبرهم بالصدق واليقين. * * * ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُواْ بِرَبِّهِمْ﴾. أي: إن الذين سألوك عن نبأهم [هم] فتية آمنوا بربهم، أي: صدقوا به ووحدوه. * * * ﴿وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾. أي: إيماناً إلى إيمانهم وبصيرة، فهجروا دار قومهم وهربوا بدينهم إلى الله [عز وجل] وفارقوا ما كانوا فيه من النعيم في الله [تعالى]. ثم قال: تعالى: ﴿وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ﴾. أي: ألهمناهم الصبر وشددنا قلوبهم بنور الإيمان حتى [عزفت] أنفسهم عما كانوا فيه من خفض العيش. وقال: قتادة: ﴿وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ﴾ بالإيمان حين ﴿قَامُواْ فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ﴾ أي: ملك السماوات [والأرض] ﴿لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إِلـٰهاً﴾ أي: لن نعبد معبودا سواه. * * * ﴿لَّقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً﴾. أي: لو قلنا: أنه يعبد غيره لقلنا جوراً من قول. وقليل "شططاً" غالياً من الكذب وقال: قتادة: "شططاً" كذباً. وقال: ابن زيد خطأ. ويقال: قد أشط فلان في السوم، إذا جاوز القدر يشط إشطاطاً وشططاً. ويقال: شط منزل فلان، إذا بعد، يشط شطوطاً. ويقال: شطت الجارية تشط شطاطاً وشطاطة إذا طالت. ويقال: شط الرجل وأشَطَّ إذا جار. وقال: أبو عبيدة ﴿إِذاً شَطَطاً﴾ أي: جوراً وغلواً.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب