الباحث القرآني

قوله: ﴿وَٱتْلُ مَآ أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ﴾ إلى قوله ﴿وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾. المعنى: واتبع يا محمد ما أنزل إليك من كتاب [ربك] والزم تلاوته والعمل بما فيه ﴿لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ﴾ أي: لا مغير لما وعد بكلماته التي أنزلها عليك. * * * ثم قال: ﴿وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً﴾. أي وإن لم تفعل ما أمرت به من الاتباع للكتاب ولزوم التلاوة فلن تجد من دونه ملتحداً. قال: مجاهد ["ملتحداً"] ملجأً. وقيل معناه: موئلاً. وقيل: معدلاً والمعنى واحد. وهو مفتعل من اللحد. يقال: لحدت إلى كذا أي ملت إليه. ولذلك قيل لِلَّحد لَحْد لأ[نه] في ناحية القبر وليس هو الشق الذي في وسطه. ومنه الالحاد في الدين لأنه ميل عن الحق فيه. * * * ثم قال: ﴿وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ﴾. والمعنى أن الله يقول لنبيّه عليه السلام: احبس نفسك يا محمد في أعمال الطاعت ﴿مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ﴾ بالذكر والحمد والتضرع يريدون بذلك وجه الله. * * * ﴿وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ﴾. أي: لا تصرفهما عنهم إلى غيرهم من الكفار. وقال: ابن المسيب: هم أهل الصلاة المكتوبة، ومثله عن مجاهد. وروي أن ذلك نزل في الذين [كان] النبي ﷺ يقرئهم القرآن أُمّر أَن يصبر نفسه ليقرئهم. وروي أنه أمر للنبي عليه السلام أمر أن يقرئ الناس القرآن. [و] هذه الآية نزلت في جماعة من عظماء المشركين أتوا النبي عليه السلام وقالوا له: باعد عنك هؤلاء الذين رائحتهم رائحة الظأن وهم موال وليسوا بأشراف، لنجالسك ونفهم عنك، يعنون بذلك خباباً وصهيباً وعماراً وبلالاً ومن أشبههم فأمر[ه] الله [عز وجل] [ألا] يفعل ذلك وأن يقبل عليهم ولا يلتفت إلى غير[هم] من المشركين. فهو قوله ﴿وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ﴾ يعني المشركين الذين أمروه أن يبعد عنهم هؤلاء المؤمنين. وقيل: عني بذلك عيينة بن حصن والأقرع بن حابس. ولما نزل ذلك على النبي عليه السلام وهو في بيته التمسهم فوجد قوماً يذكرون الله [عز وجل] ثائري الرؤوس والجلود وفي ثوب واحد فلما رآهم قال: "الحمد لله الذي جعل من أمتي من أمرني أن أصبر نفسي معهم" وفي ذلك نزل ﴿وَلاَ تَطْرُدِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ [الأنعام: ٥٢]. وذلك أن النبي عليه السلام همّ بابعادهم طمعاً أن يؤمن به عظماء قريش فنهاه الله [عز وجل] عن ذلك. وقيل [معنى] ﴿يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ﴾: يعني صلاة الصبح والصلاة بالعشي. وقيل: هم الذين يقرءون القرآن. ثم قال: تعالى: ﴿تُرِيدُ زِينَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا﴾. فمعنى تريد زينة الحياة الدنيا أي تريد مجالسة الأشراف ذوي الأموال، وهم كفار، وتترك مجالس المؤمنين الفقراء. وروي أنهم كانوا لا يلبسون الأثياب الصوف من الفقر. وقال: مجاهد: ﴿وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾ أي ضائعاً، وعنه ضياعاً. وقيل معناه: ندامة. وقيل هلاكاً. وقال: ابن زيد معناه: مخالفة للحق. وهو من قولهم أفرط فلان في كذا، إذا أسرف فيه وجاوز قدره فيكون معناه وكان أمره سرفاً في كفره وافتخاره وتكبره.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب