قوله: ﴿مَّثَلُ ٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ﴾.
قال الطبري: "هذه الآية مردودة إلى قوله: ﴿مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَٰعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً﴾ [البقرة: ٢٤٥] وإلى الآيات التي بعدها".
قال السدي: "نزلت في الذي ينفق على نفسه في سبيل الله عز وجل ويخرج". والمثل في هذه الآية إنما هو للنفقة لا للمنفق، وفي الكلام حذف، والتقدير: "مثل نفقة الذين ينفقون"، ودل "ينفقون" على النفقة فحسن حذفها.
وروى نافع عن ابن عمر أنه قال: "لما نزلت: ﴿مَّثَلُ ٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ﴾ الآية، قال النبي عليه السلام: "اللَّهُمَّ زِدْ أُمَّتِي"، فنزلت:
﴿مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَٰعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً﴾ [البقرة: ٢٤٥]. فقال رسول الله ﷺ: ""رَبِّ زِدْ أُمَّتِي" فنزلت: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾
قال مالك في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [الزمر: ١٠] "هو الصبر على فجائع الدنيا وأحزانها".
قال مالك: "وبلغني أن الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد".
قلت: والصبر على طاعة الله عز وجل وعن محارم الله تعالى أفضل من الصبر على المصائب والفجائع. كذا، قال عمر وغيره.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿وَٱللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَآءُ﴾.
أي ممن أنفق في غير سبيل الله، يضاعف أيضاً إن شاء.
وقيل: ﴿لِمَن يَشَآءُ﴾: هو المنفق في سبيل الله عز وجل، يزيد على سبعمائة ضعف إلى ألفي ألف ضعف إن شاء. روي ذلك عن ابن عباس.
* * *
قوله: ﴿وَٱللَّهُ وَاسِعٌ﴾.
أي يزيد من يشاء من خلقه على السبعمائة ما شاء.
﴿عَلِيمٌ﴾. أي عليم بما ينفق المنفقون في سبيله.
وقيل: عليم بمن يزيده على السبعمائة ضعف ومن لا يزيده.
{"ayah":"مَّثَلُ ٱلَّذِینَ یُنفِقُونَ أَمۡوَ ٰلَهُمۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنۢبَتَتۡ سَبۡعَ سَنَابِلَ فِی كُلِّ سُنۢبُلَةࣲ مِّا۟ئَةُ حَبَّةࣲۗ وَٱللَّهُ یُضَـٰعِفُ لِمَن یَشَاۤءُۚ وَٱللَّهُ وَ ٰسِعٌ عَلِیمٌ"}