الباحث القرآني

قوله: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ﴾ الآية. أي من أين يتجه لكم الكفر بالله مع نعمه عليكم إذ كنتم أمواتاً فأحياكم. أي لم تكونوا شيئاً فأوجدكم. وفي "كيْفَ" معنى التعجب من فعلهم وليست باستفهام، ولكنها توبيخ وتعجب. والعرب تسمي الشيء الممتنع ميتاً؛ يقولون: "هَذَا أَمْرٌ مَيِّتٌ" إذا كان ممتنعاً. وقيل: معناه كنتم تراباً، يعني به آدم ﷺ فجعلكم ذوي حياة. وقيل: معناه فأحياكم يعني في القبر للمساءلة ثم يميتكم في القبر بعد المساءلة، ثم يحييكم يوم القيامة. ويلزم قائل هذا أن تكون الآية إنما خوطب بها أهل القبور، وذلك بعيد إلا أن يحمل على أنه [خطاب لمن حضر]. والمراد به آباؤهم وأسلافهم. ويكون "تكفرون" بمعنى في موضع "كفرتم" وفيه بعد. و "قد" مضمرة مع "كنتم" لأنه حال مما قبله. وقيل: المعنى أنهم كانوا أمواتاً في أصلاب الآباء ثم أحياهم في الأرحام، ثم يميتهم في الدنيا عند انقضاء آجالهم، ثم يحييهم يوم القيامة. وقيل: المعنى أنه أحياهم إذ أخرجهم من ظهر آدم لأخذ الميثاق، وقد كانوا أمواتاً لا حياة فيهم. وقيل: أيضاً: الموتة الأولى هي موتة النطفة في وقت خروجها من الرجل إلى الرحم لأن كل ما في الحي فهو حي حتى [يفارقه فيكون] في عداد الأموات، وكذلك الأعضاء إذا فارقت الحي فهي ميتة، فكل ما في الإنسان من أعضائه وما يلزم جسده حي حتى يفارقه فيكون ميتاً. وروى أبو صالح عن ابن عباس أنه قال: "أماته ثم أحياه في قبره - يعني لِلْمُسَاءَلَةِ - ثم أماته، ثم أحياه يوم القيامة". وهذا قول قد تقدم نظيره. وقال ابن مسعود: "هي مثل قوله: ﴿رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا ٱثْنَتَيْنِ﴾ [غافر: ١١]". وسترى تفسير هذا في موضعه. وقد قيل: إن معنى الآية: وكنتم أمواتَ الذِّكْرِ، فأحياكم حتى ذكرتم، ثم يميتكم، أي يردكم رفاتاً لا تذكرون، ثم يحييكم للحساب والجزاء فتذكرون. وهو مروي عن ابن عباس. وهو اختيار الطبري. والهاء في ﴿إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ تعود على الله عز وجل. وقيل: تعود على الأحياء للخلود في الجنة، أو في النار، أي ثم إلى الأحياء ترجعون. والأول أحسن.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب