قوله: ﴿وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ﴾ الآية.
جواب "لما" محذوف، كأنه قال: كفروا، أو نحوه، كما قال: ﴿فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ لِيَسُوءُواْ﴾ [الإسراء: ٧]. أي: خليناكم وإياهم، فحذف، ومثله قوله: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ﴾ [يس: ٤٥] أي: أعرضوا، ثم حذف جميعه لعلم السامع، وهو كثير في القرآن.
والكتاب هنا؛ القرآن، أي: يصدق التوراة والإنجيل.
* * *
قوله: ﴿وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ﴾ الآية.
قال ابن عباس: "كانت العرب في الجاهلية يمرون على اليهود فيؤذونهم، واليهود يجدون صفة محمد ﷺ في التوراة فيسألون الله أن يعجل ببعثه فينصروا به على العرب لِما وصل إليهم من أذى العرب . فلما جاءهم محمد ﷺ الذي قد عرفوه وسألوا الله في بعثه كفروا به".
وقال مجاهد: "كانوا يقولون: "اللهم ابعث لنا هذا النبي يفصل بيننا وبين الناس، فلما بعث كفروا به".
وقيل: إنهم كانوا يرغبون إلى الله في النصر عند حروبهم بمحمد [عليه السلام] ويستشفعون به فينصرون فلما جاءهم بنفسه كفروا به حسداً وبغياً وهم يعلمون أنه رسول. وبمثل هذا القول قال السدي وعطاء وأبو العالية.
وهذا من أدل ما يكون [على أنهم جحدوا نبوة] محمد ﷺ على علم به وصحة أنه نبي مبعوث إلى الخلق حسداً وبغياً.
{"ayah":"وَلَمَّا جَاۤءَهُمۡ كِتَـٰبࣱ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقࣱ لِّمَا مَعَهُمۡ وَكَانُوا۟ مِن قَبۡلُ یَسۡتَفۡتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ فَلَمَّا جَاۤءَهُم مَّا عَرَفُوا۟ كَفَرُوا۟ بِهِۦۚ فَلَعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَـٰفِرِینَ"}