الباحث القرآني

قوله تعالى ذكره: ﴿إِنِّي جَزَيْتُهُمُ ٱلْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوۤاْ﴾. إلى آخر السورة أي: إني جزيت الذين اتخذهم الكفار سخرياً بصبرهم على دينهم وعلى ما كانوا يلقون في الدنيا من أذى الكفار، الفوز وهو النجاة من النار، والخلود في الجنة. * * * ثم قال: ﴿كَمْ لَبِثْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ﴾ أي: قال الله لهؤلاء الأشقياء الذين كانوا يظنون أنهم لا يبعثون، وأن الدنيا باقية: كم لبثتم في الأرض من الزمان بعد موتكم، فأجابوا وقالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم، فنسوا عظيم ما كانوا فيه من البلاء وطول مكثهم في القبور في العذاب لما حل عليهم من نقم الله في الآخرة حتى ظنوا أنهم لم يلبثوا في البرزخ إلاّ يوماً أو بعض يوم. وروي أن الله جل ذكره ينسيهم ما كانوا فيه من العذاب من النفخة الأولى إلى الثانية. * * * وقوله: ﴿فَسْئَلِ ٱلْعَآدِّينَ﴾. أي: قالوا: فاسأل الملائكة الذين كانوا يحفظون أعمال بني آدم ويحصون عليهم ساعاتهم. قال مجاهد: العادين الملائكة. وقال قتادة: هم الحساب. وعنه: يعني أهل الحساب. وقوله: "عَدَدَ سنين" منصوب على التفسير. وقرأ الأعمش: "عدداً" بالتنوين، فيكون "سنين". في موضع نصب على التفسير أيضاً، أو على البدل من عدد. * * * ثم قال: ﴿قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾. أي: ما لبثتم على قولكم إذاً في الأرض إلا قليلاً لو أنكم كنتم تعلمون مقدار لبثكم فيها، وقد كنتم تزعمون أن الدنيا باقية أبداً، لا بعث ولا حشر، ثم قلتم الآن لم نلبث إلا يوماً أو بعض يوم، فقد صار الباقي عندكم يوماً أو بعض يوم. وجعل الله لبثهم قليلاً لفنائه وقلة دوامه، فكل ما يفنى، فبقاؤه قليل وإن تطاول زمانه قال الله جل ذكره: ﴿قُلْ مَتَاعُ ٱلدُّنْيَا قَلِيلٌ﴾ [النساء: ٧٧] أي ما تستمتع به الخلق من طول أيام الدنيا قليل، إذ مصيره إلى الفناء والذهاب. * * * ثم قال تعالى: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً﴾. أي: أفحسبتم أيها الأشقياء أنا إنما خلقناكم لعباً وباطلاً، وإنكم إلى ربكم بعد مماتكم لا ترجعون فتجزون بأعمالكم في الدنيا. * * * ثم قال: ﴿فَتَعَالَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ﴾. أي: فتعالى الله عما يصفه به هؤلاء المشركون من اتخاذه الولد والشريك. * * * ﴿لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ﴾ أي: لا معبود ولا رب إلا الله الملك الحق ﴿رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْكَرِيمِ﴾. * * * ثم قال تعالى: ﴿وَمَن يَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـهَا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ﴾. أي: ومن يعبد مع الله معبوداً آخر، لا حجة له بما صنع ولا بينة ﴿فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ﴾. أي: حساب عمله السيء عند ربه فيوفيه جزاءه إذا قدم عليه. ﴿إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَافِرُونَ﴾ أي: لا ينجح ولا يدرك البقاء والخلود في النعيم أهل الكفر بالله. وهذا يدل على أن الحق يثبت بالبرهان والحجة، والباطل يذهب بالبرهان، والحجة على بطلانه. فالتقليد لمن قدر على الحجة والبرهان خطأ منه. ثم قال تعالى: ﴿وَقُل رَّبِّ ٱغْفِرْ وَٱرْحَمْ﴾ أي: استر علي ذنوبي بعفوك عنها، وارحمني بقبول توبتي منها، وأنت خير من رحم من أذنب فقبلت توبته.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب