الباحث القرآني

قوله ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا﴾ الآية. خفتم عند أبي عبيدة بمعنى أيقنتم، ورد ذلك الزجاج وقال: لو أيقنا لم نحتج إلى الحكمين، وخفتم على بابه. والمعنى: وإن خفتم أيها الناس مشاقة أحد الزوجين لصاحبه، وهو إتيان كل واحد منهما ما يشق على الآخر فالمرأة تقصر عن أداء حقه، والزوج أن يمسك بغير معروف ﴿فَٱبْعَثُواْ حَكَماً﴾ هذا مخاطبة للسلطان الذي يرفع إليه أمرهما قال: وإذا نشزت المرأة يعظها، فإن انتهت وإلا هجرها، فإن انتهت وإلا ضربها فإن انتهت وإلا رفع أمرها إلى السلطان، فيبعث حكماً من أهله وحكماً من أهلها فيقول الحكم الذي من أهلها: يفعل بها كذا وكذا، ويشتكي بما تشتكي منه، ويقول الحكم الذي من أهله: تفعل به كذا، فيشتكي أيضاً بما يشتكي الزوج منه، فأيهما كان أظلم رده السلطان وأخذ عليه. وقال السدي: "المرأة تبعث حكماً من أهلها، والرجل نفسه يبعث حكماً من أهله بتوكيل كل واحد منهما، لكنها بالنظر لهما، فيعملان ما وكل به، وروي ذلك عن علي رضي الله عنه. وروي عنه أنه قال لحكمين وَجَّه بهما: إن رأيتما أن تجمعا جمعتما، وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما. وقال ابن عباس: (بعثت أنا ومعاوية حكمين، فقيل لنا: إن رأيتما أن تجمعا جمعتما، وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما) فإن عثمان قد بعثهما. قال مالك: أحسن ما سمعت من أهل العلم أن الحكمين يجوز قولهما بين الرجل والمرأة في الفرقة والاجتماع. وقال قتادة: يبعث السلطان الحكمين ليعرفا الظالم من المظلوم، فيحملاهما على الواجب فلا يفرقان بينهما. وقال الشافعي: لا يفرقان إلا بأمر الزوج. وقال جماعة: حكم الحكمين ماض في التفرقة وغيره، وإنما يأتي الحكمان فيخلو حَكَم الرجل به ويسأله عما يشتكي. ويخلو حَكَم المرأة بها، ويسألها عما تشتكي؟ ثم يجتمعان، فيجتهدان، فإن رأيا التفريق فرقا، وإن رأيا الترك تركا، وأصلحا. وقيل: إنهما ينظران الظالم منهما، فإن كانت المرأة وعظها، وجبرها على طاعة زوجها، وإن كان الرجل وعظاه وجبراه أن يتقي الله تعالى فيها، فيمسك بمعروف أو يسرح بإحسان، والحكم هنا الناظر بالعدل، قاله الضحاك وغيره. وقيل: هما القاضيان بينهما يقضيان بما فوض إليهما الزوجان. * * * وقوله: ﴿إِن يُرِيدَآ﴾ قيل: الضمير للحكمين إن يريدا أن يصلحا بين الرجل والمرأة ﴿يُوَفِّقِ ٱللَّهُ بَيْنَهُمَآ﴾ أي "بين الرجل والمرأة، قاله ابن عباس وابن جبير ومجاهد. وقيل الضمير للزوجين لأنه لا يقال حكم إلا لمن يريد الإصلاح فغير جائز أن يقال: إن يرد الحكمان إصلاحاً وهما لا يسميان بهذا الاسم إلا وهما يريدان الإصلاح ﴿إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً﴾ بما يريد الزوجان أو الحكمان من إصلاح خبيراً بذلك.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب