الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ﴾ - إلى آخر السورة، أي: فأما الذين وحدوا الله عز وجل وعملوا بطاعته فيدخلهم ربهم في رحمته، يعني: في جنته يوم القيامة. ﴿ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْمُبِينُ﴾، أي: دخولهم في رحمته يومئذ هو الظفر الظاهر. * * * ثم قال: ﴿وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَفَلَمْ تَكُنْ ءَايَٰتِى تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ﴾، جواب "أما" محذوف، والتقدير: فيقال لهم ألم تكن آياتي تتلى عليكم، أي تقرأ عليكم فاستكبرتم عن اتباعها والإيمان بها. والاستكبار في اللغة: الأنفة عن اتباع الحق. وروي عن النبي ﷺ أنه قال: "قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: الكِبْرِيَاءُ رِدَّائِي، وَالعَظَمَةُ إِزَارِي، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِداً مَنْهُمَا أَلْقَيْتُهُ فِي جَهَنَّمَ قوله: ﴿وَكُنتُمْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ﴾، أي: قوماً تكسبون الآثام والكفر بالله سبحانه، لا تؤمنون بمعادٍ ولا بثواب ولا عقاب. * * * ثم قال تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَٱلسَّاعَةُ لاَ رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا ٱلسَّاعَةُ﴾، أي: ويقال لهم يومئذ: وإذا قيل لكم إن وعد الله حق في بعثكم ومجازاتكم على أعمالكم، قلتم مجيبين: ما ندري ما الساعة، أي: ما ندري ما البعث والجزاء تكذيباً منكم بوعيد الله ووعده وإنكار القدرة على إحيائكم بعد موتكم. ﴿إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً﴾، أي: وقلتم (ما نظن) أن الساعة آتية إلا ظناً. ﴿وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ﴾ أنها جائية. وتقديره في العربية: إن نحن إلا نظن ظنا ونظيره من الكلام ما حكاه (أبو عمرو) بن العلاء وسيبويه من قولهم: ليس الطيب إلا المسك، (على تقدير: ليس إلا الطيب المسك). هذا مذهب المبرد وتقديره. وسيبويه يقول (إن "ليس") في هذا جرت مجرى "ما" فارتفع ما بعد "إلا" كما يرتفع مع "ما" وقيل التقدير في الآية: إن نظن إلا أنكم تظنون ظناً. وإنما احتيج إلى هذا التقدير لأنه لا يجوز في الكلام: ما ضربت إلا ضرباً، وما ظننت إلا ظناً، إذ فائدة المصدر فائدة الفعل فكما لا يجوز: ما ضربت إلا ضربت، وما ظننت إلا ظننت، كذلك لا يجوز مع المصدر، فكذلك لا تجوز إن نظن إلا نظن. وإذا لم يجز مع الفعل لم يجز مع المصدر، فلا فائدة في المصدر أن يقع بعد حرف الإيجاب وليس قبله اسم، كما لا فائدة في الفعل أن يقع بعده. فلذلك احتيج إلى تقدير محذوف ليقع بعد الحرف اسم أو فعل قبله اسم. * * * ثم قال تعالى: ﴿وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُواْ﴾، أي: وظهر لهؤلاء المكذبين بالبعث عقاب سيئات أعمالهم في الآخرة. ﴿وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾، أي: وحل بهم من عذاب الله عقاب استهزائهم بآيات الله عز وجل في الدنيا. * * * ثم قال تعالى: ﴿وَقِيلَ ٱلْيَوْمَ نَنسَاكُمْ﴾، أي: نترككم في نار جهنم كما تركتم العمل للقاء يومكم هذا، وتشاغلتم بلذاتكم في الدنيا، واتبعتم أهواءكم. * * * ثم قال: ﴿وَمَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ﴾، أي: ومنزلكم الذي تأوون إليه نار جهنم. وما لكم من ناصر ينصركم من العذاب فينقذكم منه. * * * ثم قال تعالى: ﴿ذَلِكُم بِأَنَّكُمُ ٱتَّخَذْتُمْ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ هُزُواً﴾، أي: هذا الذي حل بكم من (العذاب والهوان) باتخاذكم آيات الله - (في الدنيا) - هزؤا تسخرون منها. * * * ثم قال: ﴿وَغَرَّتْكُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا﴾، أي: وخدعتكم الحياة الدنيا فآثرتموها على العمل بما ينجيكم من العذاب. * * * ثم قال تعالى: ﴿فَٱلْيَوْمَ لاَ يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلاَ هُمْ يُسْتَعَتَبُونَ﴾، لا يخرجون من نار جهنم، ولا يستعتبون فيردون إلى الدنيا ليعملوا صالحاً ويتوبوا من كفرهم. * * * ثم قال تعالى: ﴿فَلِلَّهِ ٱلْحَمْدُ رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَرَبِّ ٱلأَرْضِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ﴾، أي: فلله على نعمه وأياديه عند خلقه الحمد، فإياه فاحمدوا أيها الناس، فهو رب السماوات ورب الأرض، أي: مالكها ومالك العالمين، وهم جميع أصناف الخلائق. * * * ثم قال تعالى: ﴿وَلَهُ ٱلْكِبْرِيَآءُ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ﴾، أي: وله العظمة والسلطان والجلال في السماوات السبع والأرضين السبع. ﴿وَهُوَ ٱلْعِزِيزُ ٱلْحَكِيمُ ﴾، أي: وهو العزيز في نقمته من أعدائه، القاهر كل ما دونه، الحكيم في تدبيره خلقه وتصريفه إياهم فيما شاء كيف شاء لا يقدر (على ذلك) ولا على شيء منه أحد غيره، لا إله إلا هو.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب