الباحث القرآني

قوله: ﴿وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ [مَشَارِقَ ٱلأَرْضِ]﴾، الآية. * * * قوله: ﴿مَشَارِقَ ٱلأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا﴾، مفعول "بأورث". وقال الفراء، والكسائي: هو ظرف. وتقدير الكلام عندهم: ﴿وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ﴾ في ﴿مَشَارِقَ ٱلأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا﴾ الأرض ﴿ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا﴾، في مشارق الأرض ومغاربها. فـ (التي): مفعول لـ: (أوْرَثْنَا). والمعنى: أورثنا بني إسرائيل، الذين كان فرعون يستخدمهم استضعافاً لهم، ﴿مَشَارِقَ ٱلأَرْضِ﴾، أي: أرض الشام، في قول الحسن، وهو ما يلي المشرق، ﴿وَمَغَارِبَهَا﴾ ما يلي المغرب، ﴿ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا﴾، أي: التي جعلنا الخير فيها ثابتاً دائماً. وقال الليث: ﴿ٱلأَرْضِ﴾، هنا أرض مصر، وإِنَّ مصر هي التي بارك الله فيها. قال الليث: مصر مباركة في كتاب الله، جل ذكره، لقوله تعالى: ﴿ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا﴾، قال: هي مصر، وهي مباركة. ومصر مشتقة من قولهم: مَصَرَ الشَّاةَ يَمْصُرُهَا مَصْراً: إذا حلب كل شيء في ضرعها، فسميت: مِصْراً لاجتماع الخير فيها. وروي عن ابن عمر أنه قال. نيل مصرَ سَيّدُ الأنهار، وسخر الله، عز وجل له كل نهر بين المشرق والمغرب، وذلَّلَه له، فِإذا أراد الله، جل ذكره، أن يجري نيل مصر، أمر كل نهر أن يمده، فمدته الأنهار بمائها، وفجر الله له الأنهار عيوناً، فإذا انتهى جريه إلى ما أراد الله، سبحانه، أوحى الله، عز وجل، إلى كل ماء أن يرجع إلى عنصره. وقال ابن عمر، وغيره في قوله، تعالى: ﴿كَمْ تَرَكُواْ مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ﴾ [الدخان: ٢٥-٢٦]، قال: كانت الجنات بِحَافَتَيْ هذا النِّيل، من أوله إلى آخره في الشقين جميعاً، ما بين: "أَسْوَان إلى: رَشِيد، وكان له سبعة خُلُج: خليج الإسكندرية، وخليج دِمْيَاط، وخليج سَرْدُوس، وخليج مَنْف، وخليج الفَيُّوم، وخليج المَنْهَى. وقيل: السابع، خليج سَخَا، كانت متصلة لا ينقطع منها شيء عن شيء. * * * وقوله: ﴿وَمَقَامٍ كَرِيمٍ﴾، يعني المنابر. كان بها ألف منبر. * * * وقوله: ﴿وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ ٱلأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا﴾، قال الطبري: لا يجوز أن تكون: ﴿مَشَارِقَ ٱلأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا﴾ نصباً على الظرف؛ لأن بني إسرائيل لم يكن يستضعفهم (أحداً) يومئذ إلا فرعون بمصر، فغير جائز أن يقال: ﴿يُسْتَضْعَفُونَ﴾ في مشارق الأرض وفي مغاربها. وقد غَلِطَ الطبري على الفراء؛ لأن الفراء لم يرد أنه ظرف: ﴿يُسْتَضْعَفُونَ﴾، إنما جعله ظرفاً مقدماً للأرض التي بورك فيها. فتقدير الكلام: ﴿وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ﴾ الأرض التي باركنا (فيها) في مشارق الأرض ومغاربها. وهذا أحسن في المعنى، وإن كان النصب بـ: ﴿أَوْرَثْنَا﴾ على أنه مفعول به أحسن. * * * وقوله: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ ٱلْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُواْ﴾. أي: تَممَّ الله (عز وجل) لهم ما وعدهم به من تمكينهم في الأرض ونصرهم على فرعون عدوهم، بِصَبْرِهم على عذاب فرعون لهم. وهذا يدل على أن الصبر عند البلاء أحمد من مقابلته بمثله؛ لأن البلاء إذا قوبل بمثله وُكِلَ فاعله إليه، وإذا قوبل بالصبر وانتظار الفرج من الله، جل ذكره، أتاهم الله، (عز وجل)، بالفرج الذي أملوه وانتظروه من الله، (سبحانه). وقال مجاهد: هو ظهور قوم موسى على فرعون. و "الكلمة" هنا: قول موسى: ﴿عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ﴾ [الأعراف: ١٢٩]. وقيل: هو قوله: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً﴾ [القصص: ٥]، إلى ﴿يَحْذَرُونَ﴾ [القصص: ٦]. * * * وقوله: ﴿وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ،)﴾. أي: أهلكنا ما عَمَّروْا وَزَرَعُوا. ﴿وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ﴾. أي: (وأهلكنا) ما كانوا يبنون، أي: خَرَّبنا ذلك. والضم والكسر في "راء": ﴿يَعْرِشُونَ﴾، لغتان.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب