الباحث القرآني

قوله: ﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ اللهِ﴾، إلى قوله: ﴿ٱلْمُهْتَدِينَ﴾. والمعنى: ما ينبغي للمشركين أن يعمروا مساجد الله؛ لأنهم ليسوا ممن يذكر الله، والمساجد إنما بنيت لذكر الله والصلاة، فليس لهم أن يعمروها. * * * ﴿شَاهِدِينَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ﴾. فيه ثلاثة تأويلات. أحدها: أن فيما يقولونه ويفعلونه دليل على كفرهم، كما يدل على إقرارهم، فكأنَّ ذلك منهم شهادتهم على أنفسهم. قاله الحسن. والثاني: شهادتهم على رسولهم بالكفر؛ لأنهم كذبوه وأكفروه وهو من أنفسهم. قاله الكلبي. والثالث: ما ذكره في الكتاب، وهم يشهدون على أنفسهم بالكفر؛ لأنهم يقال للرجل منهم: أيش أنت؟ فيقول: نصراني، يهودي، صابئ، مشرك. * * * ﴿أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ﴾. في الدنيا، أي: بطلت وذهبت، إذ لم تكن لله، عز وجل، وكانت للشياطين. * * * ﴿وَفِي ٱلنَّارِ هُمْ خَالِدُونَ﴾. أي: ماكثون أبداً، لا أحياءً ولا أمواتاً. ومن قرأ: ﴿مَسَاجِدَ اللهِ﴾ بالتوحيد، عَنَى به: المسجد الحرام، ودليله قوله: ﴿فَلاَ يَقْرَبُواْ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـٰذَا﴾ [التوبة: ٢٨]، وقوله: ﴿وَعِمَارَةَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ﴾ [التوبة: ١٩]. ومن جمع، أراد: جميع المساجد، ودليله قوله: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ ٱللَّهِ﴾ فجمع ولم يُخْتَلفْ فِيهِ. والجمع: يستوعب المسجد الحرام وغيره، والتوحيد: يخص المسجد الحرام وحده، ولا يجوز لمن وَحَّدَ أن يريد به الجنس؛ لأنه مضاف، والمضاف موقت محدود. * * * ثم قال: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ﴾. أي: إنما يعمرها من صدق بالله ورسوله، وما أتت به الرسل. ﴿وَأَقَامَ ٱلصَّلاَةَ وَآتَىٰ ٱلزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ ٱللَّهَ فَعَسَىٰ أُوْلَـٰئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُهْتَدِينَ﴾، (أي): فحقيق أن يكون من هذه صفته من المهتدين. وكل "عسى" في القرآن من الله فهي واجبة. ونزلت هذه الآية في قريش؛ لأنهم كانوا يفتخرون، فيقولون: نحن أهل الحَرَم وسقاة الحاجِّ، وعُمّار هذا البيت، فأنزل الله عز وجل، صِفة من يجب أن يعمر مساجد الله، سبحانه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب