وقولُه جلَّ وعزَّ: ﴿وَٱلْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِّن شَعَائِرِ ٱللَّهِِ﴾.
وقرأ ابنُ أبي إسحق: ﴿والبُدُنَ﴾ والمعنى واحد.
قال مجاهد: قيل لها بُدْنٌ: للبَدَانةِ.
قال أبو جعفر: البَدَانةُ: السِّمَنُ، يُقال: بَدُن إذا سَمِن، وبَدَّنَ إذا أَسَنَّ، فقيل بُدْنٌ لأنها تُسمَّنُ.
وقولُه جلَّ وعزَّ: ﴿لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ﴾.
قال إبراهيم: يركب إذا احتاجَ، ويشربُ من اللَّبنِ.
وقيل: خيرٌ في الآخرة.. وذا أَوْلى لأنه لو كان للدنيا، كان ألاَّ يجعلها بدنةً خيراً له.
وقوله جلَّ وعزَّ: ﴿فَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا صَوَآفَّ﴾.
وقرأ عبدُاللهِ بن مسعود: ﴿صَوَافِنَ﴾.
وقرأ الحسنُ وزيدُ بنُ أَسْلمَ والأعرج: صَوَافي.
روى نافعٌ عن ابنِ عمر ﴿فَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا صَوَآفَّ﴾ قال: قياماً مصفوفة.
ورَوَى أبو ظبيان عن ابن عباس ﴿ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا﴾ قال: "بسم اللهِ، واللهِ أكبرُ، اللهمُّ منك ولك".
قال: و"صَوَافِن" قائمة على ثلاث.
قال قتادة: معقولة اليد اليمنى.
قال الحسن وزيدُ بنُ أسلم: ﴿صَوَافِيَ﴾ أي خالصة للهِ من الشرك!
قال أبو جعفر: ﴿صَوَافَّ﴾ جمع صافَّة، وصافَّةٌ: مصفوفة ومصطفَّةٌ بمعنى واحد.
و "صَوَافِنَ" جمع صافنة، يُقال للقائم: صافِنٌ، ويُستعمل لما قام على ثلاث.
و "صَوَافِيَ" جمع صافٍ وهو الخالص، أي لا تذكروا عليها غير اسم اللهِ جلَّ وعزَّ، حتى تكون التسميةُ خالصةً لله جلَّ وعزَّ.
* ثم قال جلَّ وعزَّ: ﴿فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا﴾.
قال مجاهد: أي خرَّتْ إلى الأرض.
* ثم قال جلَّ وعز: ﴿فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْقَانِعَ وَٱلْمُعْتَرَّ﴾.
قال أبو جعفر: أحسنُ ما قيل في هذا ـ وهو الصحيحُ في اللغة ـ أنَّ ابن عباس، وسعيد بن جُبير، والحسن قالوا:
﴿القَانِعُ﴾ الذي يَسْألُ.
و ﴿المُعْتَرُّ﴾ الذي يتعرَّضُ ولا يَسأل.
وقال مالك بن أنس: أحسنُ ما سمعتُ، أن "القانع" هو الفقير، وأن "المُعْتَرَّ" هو الزائر.
وقال أبو جعفر: يُقال: قَنَعَ الرجلُ، يقنع قنوعاً فهو قانع، إذا سأل، وأنشد أهل اللغة:
لَمَالُ المَرْءِ يُصْلِحُهُ فيُغْنِي * مَفَاقِرَةُ أَعَفُّ مِنَ القُنُوْعِ
ورُوي عن أبي رجاء أنه قرأ ﴿وَأَطْعِمُوا القَنِعَ﴾.
ومعنى هذا مخالفٌ للأول، يُقال: قَنِع الرَّجلُ إذا رضيَ فهو قَنِعٌ.
ورُوِىَ عن الحسنِ أنه قرأ ﴿والمُعْتَرِي﴾ معناه كمعنى المعترّ، يقال: اعتَرَّهُ، واعتَرَاهُ، وعرَّهُ، وعَرَاه: إذا تَعرَّض لما عنده، أو طَلَبه.
{"ayah":"وَٱلۡبُدۡنَ جَعَلۡنَـٰهَا لَكُم مِّن شَعَـٰۤىِٕرِ ٱللَّهِ لَكُمۡ فِیهَا خَیۡرࣱۖ فَٱذۡكُرُوا۟ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَیۡهَا صَوَاۤفَّۖ فَإِذَا وَجَبَتۡ جُنُوبُهَا فَكُلُوا۟ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُوا۟ ٱلۡقَانِعَ وَٱلۡمُعۡتَرَّۚ كَذَ ٰلِكَ سَخَّرۡنَـٰهَا لَكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ"}