ثم قال تعالى ﴿مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ﴾.
قال ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، والحسن، وأبو مالك: مستكبرينَ بالحَرَم.
قال أبو مالك: لأمنهم، والنَّاسُ يُتخَطَّفون حولهم.
قال أبو جعفر: وقيل مستكبرينَ بالقرآن، أي يحضرهم عند قراءته استكبارٌ.
والقولُ الأولُ أولى.
والمعنى: إنهم يفتخرون بالحَرَمِ، فيقولون: نحن أهلُ حَرَمِ اللهِ عزَّ وجلَّ.
* ثم قال تعالى: ﴿سَامِراً تَهْجُرُونَ﴾.
قال أبو العباس: يقال للجماعة يجتمعون للحديث: سَامِرٌ، وسُمَّار، فسَامرٌ كما تقول: بَاقِرٌ لجماعة البَقَرِ، وجَامِلٌ لجماعة الجِمَالِ.
أي يجتمعون للسَّمر، وأكثرُ ما يُستعمل "سَامِرٌ" للذين يَسْمرُون ليلاً.
قال أبو العباس: وأصلُ هذا من قولهم: "لا أكلِّمهُ السَّمَر والقَمَر" أي الليلَ والنَّهار.
وقال الثوري: يُقال لظلِّ القمر: السَّمَرُ.
قال أبو إسحق: ومنه السُّمْرةُ في اللَّونِ، ويُقال له: الفَخْتُ ومنه فاخته.
قال أبو جعفر: وفي قوله ﴿تَهْجُرُوْنَ﴾ قولان:
١- قال الحسن: تهجرون نَبِيِّ، وكتابي.
٢- وقال غيرهُ: ﴿تَهْجُرُوْنَ﴾ تَهْذُون، يُقال هَجَر المريضُ، يَهْجُرُ، هُجْراً إذَا هَذَى.
وقرأ ابنُ عباس ﴿تُهْجِروْنَ﴾ بضم التاء وكسر الجيم.
وقال: يَسْمرون برسول الله ﷺ ويقولون الهُجْرَ.
وقال عكرمة: ﴿تُهْجِروْنَ﴾ تُشْرِكُون.
وقال الحسن: تسبُّون النبي ﷺ.
وقال مجاهد: تقولون القول السَّيِّءَ في القرآن.
قال أبو جعفر: وهذه الأقوالُ متقاربةٌ، يُقال: أَهْجَر، يُهْجِر إذا نَطَقَ بالفُحْش، وقال الخَنَى، والإِسم منه الهُجْر، ومعناه أنه تجاوز، ومنه قيل: الهَاجِرة، إنما هو تجاوزُ الشَّمسِ، من المشرقِ إلى المغرب.
وقرأ أبو رجاء "سُمَّارا" وهو جمع سَامِر، كما قال الشاعر:
فقالتْ سَبَاكَ اللَّهُ إنكَ فَاضِحي * أَلَسْتَ تَرَى السُّمَّارَ والنَّاسَ أَحوالي
{"ayah":"مُسۡتَكۡبِرِینَ بِهِۦ سَـٰمِرࣰا تَهۡجُرُونَ"}