قوله تعالى: ﴿فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَاذِبِينَ﴾.
قيل: يعني بالأنفس ها هنا أهل دينهم، كما قال تعالى ﴿فَسَلِّموا عَلى أَنْفُسِكُمْ﴾.
وقال تعالى: ﴿فَاْقتُلوا أَنْفُسَكُم﴾ وأصلُ الابتهال في اللغةِ الإِجتهادُ، ومنه قول البيد:
فِي كُهُولٍ سَادَةٍ مِنْ قَوْمِهِ * نَظَرَ الدَّهْرُ إِلَيْهِمْ فَابْتَهَلْ
أي اجتَهَدَ في هلاكهم، فمعنى الآية: ثم نجتهد في الدعاء باللعنة.
ورُوي أن قوماً من النصارى من أهل نجران أَتَوْا النبي ﷺ فدعاهم إلى الإِسلام، فقالوا: قد كنا مسلمين مثلك، فقال: كذبتم، يمنعكم من الإِسلام ثلاث: قولُكُم اتخد ولداً، وأكلكُم لحمَ الخِنـزير، وسجُودُكم للصليب، فقالوا: مَنْ أبو عيسى؟ فأنزل الله عز وجل ﴿إنَّ مَثَلَ عِيَسى عِنْدَ اللهِ كَمَثِلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ﴾ إلى قوله ﴿فَنَجْعَل لَّعْنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَاذِبِينَ﴾ فدعاهم رسول الله ﷺ إلى الالتعان، فقال بعضهم لبعض: إن فعلتم اضطرمَ الوادي عليكم ناراً.
فقالوا: أما تعرض علينا سوى هذا؟ فقال: الإِسلام أو الجزية أو الحرب، فأقرَّوا بالجزية.
وروى عكرمة عن ابن عباس أنه قال: "لو خرجوا للابتهال لرجعوا لا يرون أهلاً ولا ولداً".
{"ayah":"فَمَنۡ حَاۤجَّكَ فِیهِ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ فَقُلۡ تَعَالَوۡا۟ نَدۡعُ أَبۡنَاۤءَنَا وَأَبۡنَاۤءَكُمۡ وَنِسَاۤءَنَا وَنِسَاۤءَكُمۡ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمۡ ثُمَّ نَبۡتَهِلۡ فَنَجۡعَل لَّعۡنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَـٰذِبِینَ"}