ثم قال جلَّ وعزَّ: ﴿وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ﴾.
قال أبو جعفر: في معنى "أَوْ" أربعةُ أقوالٍ:
١- قال أبو عُبيدة والفرَّاءُ: هي بمعنى: بَلْ.
وهذا خطأٌ عند أكثرِ النحويين الحُذَّاقِ، ولو كان كما قَالاَ
لكان: وأرسلناه إلى أكثرَ من مائةِ ألفٍ، واستغنى عن "أَوْ".
٢- وقال القُتْبِيُّ: "أو" بمعنى الواو.
وهذا أيضاً خطأٌ، لأنَّ فيه بُطْلانَ المَعَانِي.
٣- وقيل: "أو" للإِباحة.
٤- وقال محمد بنُ يزيدَ: "أَوْ" على بابها، والمعنى:
أرسلناه إلى جماعةٍ لو رأيتموهم لقلتم: مائةُ ألفٍ، أو أكثرُ.
ورُوي عن ابن عباس: قال أُرْسِل إلى مائةِ ألفٍ
وثلاثينَ ألفاً.
قال أبو مالك: أقام في بطن الحوت أربعين يوماً.
قال ابن طاووس: أنبتَ الله عليه شجرةً من يقطينٍ وهي
"الدُّبَّاءُ" فكانت تُظِلُّهُ من الشمس، ويأكل منها، فلما سقطتْ
بكى عليها، فأوحى اللهُ جلَّ وعز إليه: أتحزنُ على شجرةٍ، ولا تحزنُ
على مائة ألفٍ أو يزيدون؟ تابوا فلم أُهْلِكهم.
قال سعيدُ بن جُبير: أرسل اللهُ جل وعزَّ على الشجرة
الأَرَضَةَ، فقطَّعَتْ أصولهَا، فحزِن عليها، وذكر الحديث.
قال مجاهد: كانت الرسالة قبل أن يلتقمه الحوتُ.
قال أبو جعفر: حدثنا إبراهيمُ بنُ محمَّدِ بن عَرَفةَ، قال:
حدثنا العباسُ بنُ محمد، قال: حدثنا أبو النعمان محمدُ بن الفضل، قال: حدثنا أبو هلالٍ، قال: حدثنا شهرُ بنُ حَوْشَبَ عن ابن
عباس، قال: إنما كانت رسالةُ يونسَ ﷺ بعد ما نَبَذَهُ الحوتُ، وتلا
هذه الآية ﴿وإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ﴾ حتى بلغ إلى قوله
﴿وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ﴾ قال: كانت الرسالة بعد ذلك.
{"ayah":"وَأَرۡسَلۡنَـٰهُ إِلَىٰ مِا۟ئَةِ أَلۡفٍ أَوۡ یَزِیدُونَ"}