وقوله جلَّ وعزَّ: ﴿أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي ٱلنَّارِ﴾؟ [آية ١٩].
يُقال: كيف جيء باستفهامين، وقد أجمعَ أهلُ العربيةِ، أنه لا
يجوز استفهامانِ في اسمٍ وخبرةِ؟
ففي هذا جوابان:
أحدهما: أن العرب إذا طال الكلامُ، كرَّرتْ توكيداً، وكذلك
قال سيبويه في قول الله جلَّ وعز: ﴿أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ، وَكُنْتُمْ
تُرَابَاً وَعِظَاماً، أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ﴾؟
المعنى على هذا: أفمن حقَّ عليه كلمةُ العذاب، أفأنت
تنقذه؟
والكلامُ شرطٌ وجوابُه، وجىء بالاستفهام، ليدلَّ على التوقيف والتقرير.
قال الفراء: المعنى: أفأنتَ تُنقذ من حَقَّتْ عليهِ كلمةُ
العذاب؟
قال أبو جعفر: وهذا والأول واحدٌ.
والجواب الآخر: أنَّ في الكلام حذفاً.
والمعنى: أفمن حقَّ عليه كلمةُ العذابِ يتخلَّصُ، أو
ينجو؟.
ثم حذفَ الجوابَ، وكان ما بعده مستأنفاً.
والمعنى: أفمن سبقَ في علمِ اللهِ جلَّ وعزَّ، أنه يدخل النَّارَ، ينجو أو يتخلَّصُ؟
{"ayah":"أَفَمَنۡ حَقَّ عَلَیۡهِ كَلِمَةُ ٱلۡعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِی ٱلنَّارِ"}