ثم قال جل وعز: ﴿فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرْبَ ٱلرِّقَابِ﴾.
أي فاقتلوهم، وذُكرت الرِّقابُ لأن القتل أكثرُ ما يقعُ بها.
* ثم قال جل وعز: ﴿حَتَّىٰ إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّواْ ٱلْوَثَاقَ﴾.
قال سعيد بن جبير: لا ينبغي أن يقع أسرٌ، حتى يُثْخن
بالقتل في العدوِّ، كما قال جل وعز ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ
أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ﴾.
* ثم قال جل وعز: ﴿فَإمَّا مَنًّا وإمَّا فَدَاءً حَتَّى تَضَعَ الحَرْبُ
أَوْزَارَهَا﴾.
قال ابو جعفر: في هذه الآية اختلاف.
قال ابن جريج: كان عطاء يكره قتل الأسير صبراً، لقول الله
جل وعز ﴿فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً﴾ وقال: امنُنْ، أو فَادِ، ولا تقتل.
وقال قتادة: الآيةُ منسوخةٌ، نَسَخَهَا قوله تعالى ﴿فَإِمَّا
تَثْقَفَنَّهم في الحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ﴾.
وَرَوى شعبةُ عن الحَكَم قال: سألني مغيرةُ عن آيةٍ غامضةٍ
منسوخة، وهي قوله تعالى ﴿فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً﴾.
وقال الضحاك: هي ناسخة، نَسَخَتْ قوله تعالى ﴿فَاقْتُلُوا
المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾.
قال أبو جعفر: البيِّنُ في الآية أنها ليست بمنسوخة ولا
ناسخة، وإنما هذا إباحةٌ، وكذلك القتلُ، لأن النبيَّ ﷺ قد قَتَل، وفَادَى، وذكر القتلَ في آية أخرى، وهو ﴿فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ
وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ فاجتزأ بذلك.
* وقوله جل وعز: ﴿حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلْحَرْبُ أَوْزَارَهَا﴾.
قال قتادة: أي حتَّى يُسلِم أهلُ الشِّركِ، فسمَّاهم حِرْباً.
قال سعيد بن جبير ومجاهدٌ في قوله تعالى ﴿حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلْحَرْبُ أَوْزَارَهَا﴾: حتى ينزلَ عيسى بن مريمَ فيكسرَ الصليبَ، ويَقْتُلَ الخنزيرَ، وتزولَ الأديانُ، إلاَّ دين الإِسلام، وتكون الملَّةُ واحدة.
قال أبو جعفر: فهذا قولٌ في الآية، أي حتى يضع أهلُ
الحرب أوزارهم، فيُسلموا أو يُسالموا.
وقيل: يعني بالأوزار ههنا السِّلاحُ كما قال الشاعر:
وَأَعْدَدْتُ لِلْحَرْبِ أَوْزَارَهَا * رِمَاحاً طِوَالاً، وخَيْلاً ذُكُوراً
والمعنى على هذا: فشدُّوا الوَثَاقَ حتى تضع الحربُ أوزارها، فإما منّاً بعد وإمَّا فِدَاءً.
* وقوله جل وعز: ﴿وَلَـٰكِن لِّيَبْلُوَاْ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ﴾.
أي ليمحِّص المؤمنين، ويمحق الكافرين.
* ثم قال جل وعز: ﴿وَٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾.
ويُقرأ ﴿قَتَلُوا﴾ و ﴿قُتِّلُوا﴾ و ﴿قُتِلُوا﴾.
{"ayah":"فَإِذَا لَقِیتُمُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ فَضَرۡبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰۤ إِذَاۤ أَثۡخَنتُمُوهُمۡ فَشُدُّوا۟ ٱلۡوَثَاقَ فَإِمَّا مَنَّۢا بَعۡدُ وَإِمَّا فِدَاۤءً حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلۡحَرۡبُ أَوۡزَارَهَاۚ ذَ ٰلِكَۖ وَلَوۡ یَشَاۤءُ ٱللَّهُ لَٱنتَصَرَ مِنۡهُمۡ وَلَـٰكِن لِّیَبۡلُوَا۟ بَعۡضَكُم بِبَعۡضࣲۗ وَٱلَّذِینَ قُتِلُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ فَلَن یُضِلَّ أَعۡمَـٰلَهُمۡ"}