وقوله جل وعز: ﴿لَيْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوۤاْ إِذَا مَا ٱتَّقَواْ وَآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ﴾.
قال ابن عباس والبراء: لمَّا حُرِّمتُ الخمرُ، قال المسلمون: يا رسول الله. فكيف بإخواننا المؤمنين الذين ماتوا وهم يشربونها؟ فأنزل الله جل وعز: ﴿لَيْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوۤاْ﴾ إلى آخر الآية.
وروى الزهري عن عبدالله بن عامر بن ربيعة أن عمر لما أراد حَدّ "قُدامةَ بنِ مَظْعُون" قال قُدَامة: ما كان لكم أن تجلدوني؟ قال الله جل وعز: ﴿لَيْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوۤاْ﴾ الآية، فقال عمر: أخطأتَ التأويلَ، إنك إذا أيقنت اجتنبتَ ما حرَّم الله عليك، ثم أَمَر به فجُلِدَ.
قيل: هذا أحسن من الأول لأن فيها ﴿إِذَا مَا ٱتَّقَواْ وَآمَنُواْ﴾ و "إِذا" لا تكون للماضي، فالمعنى على هذا ـ والله أعلم ـ للمؤمنين قبلُ وبعدُ، على العموم.
وقد رُوي هذا أيضاً عن ابن عباس.
قال أبو جعفر: قيل ﴿إِذَا مَا ٱتَّقَواْ﴾ الشرك ﴿وَآمَنُواْ﴾ وصدقوا ﴿ثُمَّ اتَّقَواْ وَآمَنُواْ﴾ ازدادوا إيماناً ﴿ثُمَّ اتَّقَواْ﴾ الصغائر حذراً ﴿وَّأَحْسَنُواْ﴾ تَنَقَّلُوا.
وقال محمد بن جرير: الإِتقاء الأول هو الإِتقاء بتلقِّي أمرِ اللهِ بالقبول والتصديق، والدينونة به، والعمل.
والإِتِّقَاء الثاني: الإِتقاءُ بالثبات على التصديق.
والثالث: الإِتِّقَاءُ بالإِحسان والتقرب بالنوافل.
{"ayah":"لَیۡسَ عَلَى ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ جُنَاحࣱ فِیمَا طَعِمُوۤا۟ إِذَا مَا ٱتَّقَوا۟ وَّءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ ثُمَّ ٱتَّقَوا۟ وَّءَامَنُوا۟ ثُمَّ ٱتَّقَوا۟ وَّأَحۡسَنُوا۟ۚ وَٱللَّهُ یُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِینَ"}