وقوله جل وعز ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِيۤ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾.
أحسنُ ما قيل في هذا، ما تواترتْ بِهِ الأخبارُ عن النبي ﷺ "إنَّ الله جلَّ وعز، مَسَحَ ظهرَ آدم، فأخرج منه ذُرِّيتَه، أمثالَ الذَرِّ، فأخذ عليهم الميثاق" فكأنه يُفهمهم ما أراد جلَّ وعز، كما قال تعالى: ﴿قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ﴾.
وفي الحديث: "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلى الفِطْرَةِ".
أي على ابتداء أمره، حين أخذ عليهم العهد.
"حدثنا أبو جعفر قال: نا عبدالله بن إبراهيم المقرئ البغدادي بالرَّمْلة قال: نا عباس الدوري قال: نا عبدالله بن موسى قال: نا أبو جعفر الرازي عن الربيع عن أبي العالية عن أُبَيِّ بن كعب في هذه الآية: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِيۤ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾ إلى قوله: ﴿المُبْطِلُون﴾ قال: جَمَعهم فجعلهم أزواجاً، ثم صوَّرهم، ثم اسْتَنْطقَهم فقال: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ شَهِدْنَآ﴾ إنَّك ربُّنا وإلهنا، لا ربَّ لنا غيرك، ولا إله لنا غيرك، قال: فأُرسلُ إليكم رُسُلي، وأُنزل عليكم كتبي، فلا تُكذِّبوا رسلي، وصدِّقوا وعيدي، وإني سأنتقم ممن أشرك بي، ولم يؤمن بي، فأخذ عهدهم وميثاقهم" وذكر الحديث.
قال أبو جعفر: ونذكر حديث عمر عن النبي ﷺ في معنى هذه الآية في الإِعراب، وغيره إن شاء الله.
* ثم قال جل وعز ﴿قَالُواْ بَلَىٰ﴾.
وهذا التَّمامُ، على قراءة من قرأ ﴿أَن تَقُولُواْ﴾ بالتاء.
قال أبو حاتم: وهي مذهبنا لقوله ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ﴾؟ يخاطبهم، فقال على المخاطبة: ﴿أَن تَقُولُواْ﴾ أي لأن لا تقولوا.
وقرأ ابن عباس وسعيد بن جبير وغيرهما ﴿أنْ يَقُولُوا﴾ بالياء، والمعنى على هذه القراءة: وأشهدهم على أنفسهم كراهة أن يقولوا.
{"ayah":"وَإِذۡ أَخَذَ رَبُّكَ مِنۢ بَنِیۤ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمۡ ذُرِّیَّتَهُمۡ وَأَشۡهَدَهُمۡ عَلَىٰۤ أَنفُسِهِمۡ أَلَسۡتُ بِرَبِّكُمۡۖ قَالُوا۟ بَلَىٰ شَهِدۡنَاۤۚ أَن تَقُولُوا۟ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ إِنَّا كُنَّا عَنۡ هَـٰذَا غَـٰفِلِینَ"}