قوله جلَّ وعزّ ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ قُلِ ٱلأَنفَالُ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ﴾.
قال ابن عباس: نزلت في يوم بدر.
وروى إسرائيلُ، عن سِمَاكِ بنِ حَرْبٍ، عن مصعب بن سعد، عن أبيه قال: "أصبتُ سيفاً يوم بدر، فاستحسنته، فقلتُ يا رسول الله: هَبْهُ لي! فنزلت ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ قُلِ ٱلأَنفَالُ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ﴾.
قال أبو جعفر: المعروفُ من قراءة سعد بن أبي وقَّاص ﴿يَسْأَلُونَكَ ٱلأَنْفَالَ﴾ بغير (عَنْ) هكذا رواه شعبةُ، عن سِمَاك، عن مُصْعَب عن أبيه.
قال ابن عباس: قال النبي ﷺ في يوم بدْرٍ: "مَنْ قَتَلَ قتيلاً فله كذا، ومن أسر أسيراً فله كذا" فلمَّا فُتح لهم جاءوا يطلبون ذلك، فقام سعْدٌ والأشياخُ فقالوا: يا رسول الله إنما قمنَا هذا المَقامَ رِدْءاً لكم لا جُبْناً، فنزلت ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ﴾ فسلَّموا الغنيمةَ لرسول الله ﷺ ثمَّ نزلتْ بعدُ ﴿واعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ﴾.
فبيَّنَ اللهُ جلَّ وعزَّ في هذا أن الأنفالَ صارت من الخُمُسِ، لا من الجُمْلَةِ.
قال مجاهد وعكرمة: هي منسوخةٌ، نَسَخها ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ مَاغَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ﴾ إلى آخر الآية.
قال مجاهد: والأنفالُ: الغنائمُ.
قال أبو جعفر: والأنفال في اللغةِ: مَا يَتَطوَّع به الإِمامُ، ممَّا لا يجب عليه نحو قوله: "من جاء بأسير فله كذا" ومنه النَّافلةُ من الصَّلوات، ثم قيل للغنيمة: نَفَلٌ، لأنه يروى "أن الغنائم لم تحلَّ لأحدٍ إلاَّ لأمّة محمَّد ﷺ" فكأنهم أُعْطُوهَا نافلةً.
وقوله جلّ وعزّ ﴿فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ﴾
الذاتُ: الحقيقةُ، والبَيْنُ: الوصلُ، ومنه ﴿لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ﴾.
{"ayah":"یَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡأَنفَالِۖ قُلِ ٱلۡأَنفَالُ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِۖ فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَأَصۡلِحُوا۟ ذَاتَ بَیۡنِكُمۡۖ وَأَطِیعُوا۟ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۤ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ"}