الباحث القرآني

الْآيَةُ التَّاسِعَةُ: قَوْله تَعَالَى: {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [يوسف: 33]. فِيهَا مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: أُكْرِهَ يُوسُفُ عَلَى الْفَاحِشَةِ بِالسِّجْنِ، وَأَقَامَ فِيهِ سَبْعَةَ أَعْوَامٍ، وَمَا رَضِيَ بِذَلِكَ لِعَظِيمِ مَنْزِلَتِهِ وَشَرِيفِ قَدْرِهِ، وَلَوْ أُكْرِهَ رَجُلٌ بِالسِّجْنِ عَلَى الزِّنَا مَا جَازَ لَهُ ذَلِكَ إجْمَاعًا، فَإِنْ أُكْرِهَ بِالضَّرْبِ فَاخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ؛ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إذَا كَانَ فَادِحًا فَإِنَّهُ يَسْقُطُ إثْمُ الزِّنَا وَحْدَهُ. وَقَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا: إنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يُسْقِطُ الْحَدَّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَجْمَعُ عَلَى عَبْدِهِ الْعَذَابَيْنِ، وَلَا يَصْرِفُهُ بَيْنَ الْبَلَاءَيْنِ فَإِنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ الْحَرَجِ فِي الدِّينِ، وَصَبَرَ يُوسُفُ عَلَى السِّجْنِ، وَاسْتَعَاذَ مِنْ الْكَيْدِ فَقَالَ: {وَإِلا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ} [يوسف: 33] الْآيَتَيْنِ. [مَسْأَلَة بِنَاءُ أَفْعَلَ فِي التَّفْضِيلِ] الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: أَحَبُّ بِنَاءُ أَفْعَلَ فِي التَّفْضِيلِ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِكَيْنِ فِي الشَّيْءِ، وَلِأَحَدِهِمَا الْمَزِيدُ فِي الْمُشْتَرَكِ فِيهِ عَلَى الْآخَرِ، وَلَمْ يَكُنْ الْمَدْعُوُّ إلَيْهِ حَبِيبًا إلَى يُوسُفَ، وَلَكِنَّهُ كَنَحْوِ الْقَوْلِ: الْجَنَّةُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ النَّارِ، وَالْعَافِيَةُ أَحَبُّ إلَى [قَلْبِي] مِنْ الْبَلَاءِ؛ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِنَا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب