الباحث القرآني

كَانَتْ الْيَهُودُ تَأْتِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَقُولُ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، رَاعِنَا، تُوهِمُ أَنَّهَا تُرِيدُ الدُّعَاءَ، مِنْ الْمُرَاعَاةِ، وَهِيَ تَقْصِدُ بِهِ فَاعِلًا مِنْ الرُّعُونَةِ. وَرُوِيَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا يَقُولُونَ: رَاعِنَا، مِنْ الرَّعْيِ، فَسَمِعَتْهُمْ الْيَهُودُ، فَقَالُوا: يَا رَاعِنَا كَمَا تَقَدَّمَ، فَنَهَى اللَّهُ تَعَالَى الْمُسْلِمِينَ عَنْ ذَلِكَ، لِئَلَّا يَقْتَدِيَ بِهِمْ الْيَهُودُ فِي اللَّفْظِ وَيَقْصِدُوا الْمَعْنَى الْفَاسِدَ مِنْهُ. وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى تَجَنُّبِ الْأَلْفَاظِ الْمُحْتَمِلَةِ الَّتِي فِيهَا التَّعَرُّضُ لِلتَّنْقِيصِ وَالْغَضِّ، وَيَخْرُجُ مِنْهُ فَهْمُ التَّعْرِيضِ بِالْقَذْفِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ عُلَمَاؤُنَا: بِأَنَّهُ مُلْزِمٌ لِلْحَدِّ، خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ حَيْثُ قَالَا: إنَّهُ قَوْلٌ مُحْتَمِلٌ لِلْقَذْفِ وَغَيْرِهِ، وَالْحَدُّ مِمَّا يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ. وَدَلِيلُنَا أَنَّهُ قَوْلٌ يُفْهَمُ مِنْهُ الْقَذْفُ، فَوَجَبَ فِيهِ الْحَدُّ كَالتَّصْرِيحِ. وَقَدْ يَكُونُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَبْلَغَ مِنْ التَّصْرِيحِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمُرَادِ، وَإِنْكَارُ ذَلِكَ عِنَادٌ، وَقَدْ مَهَّدْنَا ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب