الباحث القرآني

فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ: {يَشْهَدُونَ الزُّورَ} [الفرقان: 72] فِيهِ سِتَّةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: الشِّرْكُ. الثَّانِي: الْكَذِبُ. الثَّالِثُ: أَعْيَادُ أَهْلِ الذِّمَّةِ. الرَّابِعُ: الْغِنَاءُ. الْخَامِسُ: لَعِبٌ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُسَمَّى بِالزُّورِ؛ قَالَ عِكْرِمَةُ. السَّادِسُ: أَنَّهُ الْمَجْلِسُ الَّذِي يُشْتَمُ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ مَجْلِسٌ يُشْتَمُ فِيهِ النَّبِيُّ فَهُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَنَّهُ الشِّرْكُ؛ لِأَنَّ شَتْمَ النَّبِيِّ شِرْكٌ، وَالْجُلُوسُ مَعَ مَنْ يَشْتُمُهُ مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرٍ وَلَا قَتْلٍ لَهُ شِرْكٌ. وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ الْكَذِبُ فَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ إلَى الْكَذِبِ يَرْجِعُ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّهُ أَعْيَادُ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنَّ فِصْحَ النَّصَارَى وَسَبْتَ الْيَهُودِ يُذْكَرُ فِيهِ الْكُفْرُ؛ فَمُشَاهَدَتُهُ كُفْرٌ، إلَّا لِمَا يَقْتَضِي ذَلِكَ مِنْ الْمَعَانِي الدِّينِيَّةِ، أَوْ عَلَى جَهْلٍ مِنْ الْمُشَاهِدِ لَهُ. وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ الْغِنَاءُ فَلَيْسَ يَنْتَهِي إلَى هَذَا الْحَدِّ؛ وَقَدْ بَيَّنَّا أَمْرَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَقُلْنَا: إنَّ مِنْهُ مُبَاحًا وَمِنْهُ مَحْظُورًا. وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّهُ لَعِبٌ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّمَا يَحْرُمُ ذَلِكَ إذَا كَانَ فِيهِ قِمَارٌ أَوْ جَهَالَةٌ أَوْ أَمْرٌ يَعُودُ إلَى الْكُفْرِ. [مَسْأَلَة معني اللَّغْوُ] الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} [الفرقان: 72] قَدْ بَيَّنَّا اللَّغْوَ، وَأَنَّهُ مَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ؛ فَإِنْ كَانَتْ فِيهِ مَضَرَّةٌ فِي دِينٍ أَوْ دُنْيَا فَقَدْ تَأَكَّدَ أَمْرُهُ فِي التَّحْرِيمِ؛ وَذَلِكَ بِحَسْبِ تِلْكَ الْمَضَرَّةِ فِي اعْتِقَادٍ أَوْ فِعْلٍ، وَيَتَرَكَّبُ اللَّغْوُ عَلَى الزُّورِ؛ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ مَعْنَى زَائِدٌ هَاهُنَا؛ لِأَنَّهُ قَالَ: {وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} [الفرقان: 72] فَهَذَا مُحَرَّمٌ بِلَا كَلَامٍ. ثُمَّ قَالَ: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ} [الفرقان: 72] يَعْنِي الَّذِي لَا فَائِدَةَ فِيهِ تَكَرَّمُوا عَنْهُ، حَتَّى قَالَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ: إنَّهُ ذِكْرُ الرَّفَثِ، وَيَكُونُ لَغْوًا مُجَرَّدًا إذَا كَانَ فِي الْحَلَالِ، وَيَكُونُ زُورًا مُحَرَّمًا إذَا كَانَ فِي الْحَرَامِ، وَإِنْ احْتَاجَ أَحَدٌ إلَى ذِكْرِ الْفَرْجِ أَوْ النِّكَاحِ لِأَمْرٍ يَتَعَلَّقُ بِالدِّينِ جَازَ ذَلِكَ، كَمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِلَّذِي اعْتَرَفَ عِنْدَهُ بِالزِّنَا: «نِكْتَهَا»؟ لَا تَكْنِي، لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ فِي تَقْدِيرِ الْفِعْلِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحَدُّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب