الباحث القرآني

الْآيَةُ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ: قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الأنفال: 75]. فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ: {مِنْ بَعْدُ} [الأنفال: 75]: يَعْنِي مِنْ بَعْدِ مَا أَمَرْتُكُمْ بِالْمُوَالَاةِ، هَكَذَا قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ، إلَّا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ يُرِيدُ مِنْ بَعْدِ الْإِيمَانِ الْأَوَّلِ وَالْهِجْرَةِ الْأُولَى، فَإِنَّ الْهِجْرَةَ طَبَقَاتٌ: الْمُهَاجِرُونَ الْأَوَّلُونَ، وَبَعْدَهُمْ مَنْ هَاجَرَ فِي بُحْبُوحَةِ الْإِيمَانِ وَقَبْلَ الْفَتْحِ، وَهُمْ طَبَقَاتٌ عِنْدَنَا وَدَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: {فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ} [الأنفال: 75]: يَعْنِي فِي الْمُوَالَاةِ وَالْمِيرَاثِ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَقْوَالِ؛ فَإِنْ تَوَلَّى قَوْمًا فَهُوَ مِنْهُمْ بِاعْتِقَادِهِ مَعَهُمْ، وَالْتِزَامِهِ لَهُمْ، وَعَمَلِهِ بِعَمَلِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: 51]. [مَسْأَلَة الْمُوَالَاةِ بِالْهِجْرَةِ دُونَ الْقَرَابَةِ] الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفال: 75]: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذِهِ الْآيَةُ نَسْخٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمُوَالَاةِ بِالْهِجْرَةِ دُونَ الْقَرَابَةِ الَّتِي لَيْسَ مَعَهَا هِجْرَةٌ. وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّهُ عُمُومٌ فِي كُلِّ قَرِيبٍ بَيَّنَتْهُ السُّنَّةُ بِقَوْلِهِ: «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى عُصْبَةٍ ذَكَرٍ»، حَسْبَمَا ثَبَتَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. وَكِتَابُ اللَّهِ الَّذِي ثَبَتَ فِيهِ هُوَ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ الَّذِي كَتَبَ اللَّهُ فِيهِ كُلَّ شَيْءٍ، فَتَجْرِي الْأَحْكَامُ عَلَى مَا سَطَّرَ فِيهِ مِنْ نَسْخٍ وَثُبُوتٍ وَإِمْضَاءٍ وَرَدٍّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب