الباحث القرآني

الْآيَةُ الْحَادِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: 84]. فِيهَا خَمْسُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: سَبَبُ نُزُولِهَا: ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ وَالْمُصَنَّفَاتِ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ قَالَ: «سَمِعْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ دُعِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ، فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهِ يُرِيدُ الصَّلَاةَ تَحَوَّلْتُ حَتَّى قُمْتُ فِي صَدْرِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَعَلَى عَدُوِّ اللَّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ الْقَائِلِ كَذَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا يُعَدِّدُ عَلَيْهِ آثَامَهُ قَالَ: وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَبَسَّمُ، حَتَّى إذَا أَكْثَرْت عَلَيْهِ قَالَ: أَخِّرْ عَنِّي يَا عُمَرُ، إنِّي خُيِّرْت فَاخْتَرْت، قَدْ قِيلَ لِي: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [التوبة: 80]. لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي لَوْ زِدْت عَلَى السَّبْعِينَ غُفِرَ لَهُ لَزِدْت. قَالَ: ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ، وَمَشَى مَعَهُ، فَقَامَ عَلَى قَبْرِهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْهُ قَالَ: فَعَجِبْت لِي وَلِجَرَاءَتِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاَللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: فَوَاَللَّهِ مَا كَانَ إلَّا يَسِيرًا حَتَّى نَزَلَتْ هَاتَانِ الْآيَتَانِ: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ} [التوبة: 84] إلَى آخَرِ الْآيَتَيْنِ. قَالَ: فَمَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدُ عَلَى مُنَافِقٍ، وَلَا قَامَ عَلَى قَبْرِهِ، حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ». وَفِي الصَّحِيحِ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ مَاتَ أَبُوهُ، فَقَالَ: أَعْطِنِي قَمِيصَك أُكَفِّنْهُ فِيهِ، وَصَلِّ عَلَيْهِ، وَاسْتَغْفِرْ لَهُ. فَأَعْطَاهُ قَمِيصَهُ، وَقَالَ: إذَا فَرَغْتُمْ فَآذِنُونِي فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ جَذَبَهُ عُمَرُ، وَقَالَ: أَلَيْسَ قَدْ نَهَى اللَّهُ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ؟ فَقَالَ: أَنَا بَيْنَ خِيَرَتَيْنِ: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ. فَصَلَّى عَلَيْهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84] فَتَرَكَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ». [مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ] الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي قَوْلِهِ: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [التوبة: 80] هَلْ هُوَ إيَاسٌ أَوْ تَخْيِيرٌ؟ فَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ إيَاسٌ بِدَلِيلِ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ قَالَ: {فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80]. الثَّانِي: أَنَّهُ قَالَ: إنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ مُبَالَغَةً، كَقَوْلِ الْقَائِلِ: لَوْ سَأَلْتنِي مِائَةَ مَرَّةٍ مَا أَجَبْتُك. الثَّالِثُ: أَنَّهُ عَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 80] وَهَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ بَعْدَ الزِّيَادَةِ عَلَى السَّبْعِينَ، وَحَيْثُ تُوجَدُ الْعِلَّةُ يُوجَدُ الْحُكْمُ. وَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ تَخْيِيرٌ مِنْ اللَّهِ لِنَبِيِّهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُمَرَ: «إنِّي خُيِّرْت فَاخْتَرْت؛ قَدْ قِيلَ لِي: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إنَّ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ، لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي لَوْ زِدْت عَلَى السَّبْعِينَ غُفِرَ لَهُ لَزِدْت». وَهَذَا أَقْوَى؛ لِأَنَّ هَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ صَحِيحٌ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّخْيِيرِ، وَتِلْكَ اسْتِنْبَاطَاتٌ، وَالنَّصُّ الصَّرِيحُ أَقْوَى مِنْ الِاسْتِنْبَاطِ. فَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّهُ قَالَ: {فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80] فَهَذَا فِي السَّبْعِينَ، وَلَيْسَ مَا وَرَاءَ السَّبْعِينَ كَالسَّبْعِينَ، لَا مِنْ دَلِيلِ الْخِطَابِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ؛ أَمَّا مِنْ دَلِيلِ الْخِطَابِ فَإِنَّ دَلِيلَ الْخِطَابِ لَا يَكُونُ فِي الْأَسْمَاءِ؛ وَإِنَّمَا يَكُونُ فِي الصِّفَاتِ، حَسْبَمَا بَيَّنَّاهُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، وَرَدَدْنَاهُ عَلَى الدَّقَّاقِ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ الَّذِي يَجْعَلُهُ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، وَهُوَ خَطَأٌ صِرَاحٌ وَأَمَّا مِنْ غَيْرِ دَلِيلِ الْخِطَابِ فَظَاهِرٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ إذَا عُلِّقَ عَلَى اسْمٍ عَلَمٍ بَقِيَ غَيْرُهُ خَالِيًا عَنْ ذَلِكَ الْحُكْمِ، فَيُطْلَبُ الْحُكْمُ فِيهِ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّهَا مُبَالَغَةٌ فَدَعْوَى. وَلَعَلَّهُ تَقْدِيرٌ لِمَعْنَى، حَتَّى لَقَدْ قَالَ [فِي] ذَلِكَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنَّ التَّعْدِيلَ فِي الْخَمْسَةِ؛ لِأَنَّهَا نِصْفُ الْعَقْدِ، وَزِيَادَةُ الْوَاحِدَةِ أَدْنَى الْمُبَالَغَةِ، وَزِيَادَةُ الِاثْنَيْنِ لِأَقْصَى الْمُبَالَغَةِ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الْأَسَدُ سَبْعًا، عِبَارَةٌ عَنْ غَايَةِ الْقُوَّةِ، وَفِي الْأَمْثَالِ: أَخَذَهُ أَخْذَةَ سَبْعَةٍ أَيْ: غَايَةَ الْأَخْذِ، عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَاتِ، وَهَذَا تَحَكُّمٌ؛ إذْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَقُولَ: إنَّ الِاثْنَيْنِ أَوْسَطُ الْمُبَالَغَةِ، وَالثَّلَاثَةُ نِهَايَتُهَا، وَذَلِكَ فِي الثَّمَانِيَةِ، وَمِنْهُ يُقَالُ فِي الْمَثَلِ لِمَنْ بَالَغَ فِي عِوَضِ السِّلْعَةِ: أَثَمَنْتَ. أَيْ: بَلَغْتَ الْغَايَةَ فِي الثَّمَنِ، وَهَذِهِ التَّحَكُّمَاتُ لَا قُوَّةَ فِيهَا، وَالِاشْتِقَاقَاتُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا؛ وَإِنَّمَا هِيَ مُلِحَّةٌ، فَإِذَا عَضَّدَهَا الدَّلِيلُ كَانَتْ صَحِيحَةً. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّهُ عَلَّلَهُ بِالْكُفْرِ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ بَعْدَ السَّبْعِينَ، وَالْكَافِرُ لَا يُغْفَرُ لَهُ. قُلْنَا: أَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّ ذَلِكَ مَوْجُودٌ بَعْدَ السَّبْعِينَ، فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا الْحُكْمُ مِنْ عَدَمِ الْمَغْفِرَةِ إنَّمَا كَانَ مُعَلَّقًا بِالسَّبْعِينَ، وَالزِّيَادَةُ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ بِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَإِنَّمَا عُلِمَ عَدَمُ الْمَغْفِرَةِ فِي الْكَافِرِ بِدَلِيلٍ آخَرَ، وَرَدَ مِنْ طُرُقٍ، مِنْهَا قَوْلُهُ: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ} [المنافقون: 6] الْآيَةَ. [مَسْأَلَة إعْطَاءِ قَمِيص النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ اللَّه بْن أَبِي الْمُنَافِق لِيَكْفِنِ فِيهِ] الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: فِي إعْطَاءِ الْقَمِيصِ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ: رُوِيَ «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ إذْ طَلَبَ الْقَمِيصَ كَانَ عَلَى النَّبِيِّ قَمِيصَانِ قَالَ: أَعْطِهِ الَّذِي يَلِي جِلْدَك». وَقَالُوا: «إنَّهُ إنَّمَا أَعْطَاهُ قَمِيصَهُ مُكَافَأَةً عَلَى إعْطَائِهِ قَمِيصَهُ يَوْمَ بَدْرٍ لِلْعَبَّاسِ، فَإِنَّهُ لَمَا أُسِرَ وَاسْتُلِبَ ثَوْبُهُ رَآهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَلِكَ، فَأَشْفَقَ، وَطَلَبَ لَهُ قَمِيصًا، فَمَا وَجَدَ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ قَمِيصًا يُقَادِرُهُ إلَّا قَمِيصَ عَبْدِ اللَّهِ، لِتَقَارُبِهِمَا فِي طُولِ الْقَامَةِ، فَأَرَادَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِعْطَائِهِ الْقَمِيصَ أَنْ تَرْتَفِعَ الْيَدُ عَنْهُ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى لَا يَلْقَاهُ فِي الْآخِرَةِ، وَلَهُ عِنْدَهُ يَدٌ يُكَافِئُهُ بِهَا». [مَسْأَلَة الصَّلَاة عَلَى الْكُفَّارِ] الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْله تَعَالَى {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ} [التوبة: 84] الْآيَةَ: نَصٌّ فِي الِامْتِنَاعِ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْكُفَّارِ، وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ. وَقَدْ وَهَمَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فَقَالَ: إنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْجِنَازَةِ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة: 84] فَنَهَى اللَّهُ عَنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْكُفَّارِ، فَدَلَّ عَلَى وُجُوبِهَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَهَذِهِ غَفْلَةٌ عَظِيمَةٌ؛ فَإِنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ أَضْدَادِهِ كُلِّهَا عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ لَفْظًا، وَبِاتِّفَاقِهِمْ مَعْنًى. فَأَمَّا النَّهْيُ عَنْ الشَّيْءِ فَقَدْ اتَّفَقُوا فِي الْوَجْهَيْنِ عَلَى أَنَّهُ أَمْرٌ بِأَحَدِ أَضْدَادِهِ لَفْظًا أَوْ مَعْنًى، وَلَيْسَتْ الصَّلَاةُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ضِدًّا مَخْصُوصًا لِلصَّلَاةِ عَلَى الْكَافِرِينَ؛ بَلْ كُلُّ طَاعَةٍ ضِدٌّ لَهَا، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ تَخْصِيصُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ دُونَ سَائِرِ الْأَضْدَادِ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: صَلَاةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ابْنِ أَبِي اُخْتُلِفَ فِيهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ خُيِّرَ فَاخْتَارَ. الثَّانِي: مَا رُوِيَ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ مُرَاعَاةً لِوَلَدِهِ، وَعَوْنًا لَهُ عَلَى صِحَّةِ إيمَانِهِ، إينَاسًا لَهُ وَتَأْلِيفًا لِقَوْمِهِ؛ فَقَدْ رُوِيَ «أَنَّهُ لَمَا صَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْلَمَ مِنْ الْخَزْرَجِ أَلْفُ رَجُلٍ». الثَّالِثُ: مَا رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، فَقَالَ: قَدْ كُنْت أَسْمَعُ قَوْلَك، فَامْنُنْ عَلَيَّ الْيَوْمَ، وَكَفِّنِّي بِقَمِيصِك، وَصَلِّ عَلَيَّ. فَكَفَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ بِقَمِيصِهِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّ صَلَاةٍ هِيَ، وَإِنَّ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُخَادِعْ إنْسَانًا قَطُّ. قَالَ عِكْرِمَةُ: غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ كَلِمَةً حَسَنَةً قَالَ الْمُشْرِكُونَ: إنَّا مَنَعْنَا مُحَمَّدًا أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ، وَإِنَّا نَأْذَنُ لَك. فَقَالَ: لَا، لِي فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ.» قَالَ الْقَاضِي: وَاتِّبَاعُ الْقُرْآنِ أَوْلَى فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ} [التوبة: 84] الْآيَةَ. فَأَخْبَرَ عَنْهُ بِالْكُفْرِ وَالْمَوْتِ عَلَى الْفِسْقِ. وَهَذَا عُمُومٌ فِي الَّذِي نَزَلَتْ الْآيَةُ بِسَبَبِهِ، وَفِي كُلِّ مُنَافِقٍ مِثْلِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب