﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ﴾ تفسير العصف قد تقدم عند قوله: ﴿وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ﴾ [[سورة الرحمن: 12، ومما جاء في تفسير "كعصف" أنه قشور التبن التي تعلو حب الحنطة وغيره، أو هو ما على ساق الزرع من الورق الذي يبس فيتفتت، وقال بعضهم: إنه بقل الزرع، يعني أول ما ينبت منه، وهو ورق بعد، وقال ابن عباس: ورق السنبل.
وخلاصه أقوالهم: إن "العصف" ورق الزرع، ثم إذا يبس وديس صار تبناً.]]، ومعنى "كعصف (مأكول) [[ساقط من (أ).]] ": "كزرع (وتبن) [[ساقط من (أ).]] قد أكلته الدواب، ثم راثته [[في (أ): (وراثته).]] [[راثته: يراد به الروث، وهو رجيع ذوات الحافر، والرؤثة أخص منه، وقد راثته تروث رَوْثًا.
انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" 2/ 271 (روث).]] قد يبس وتفرقت أجزاؤه، شبه تقطع أوصالهم بتفرق أجزاء الروث، وهذا معنى قول قتادة [["الكشف والبيان" 13/ 157 ب، و"التفسير الكبير" 32/ 101.]]، ومقاتل [["تفسير مقاتل" 253/ أ، "التفسير الكبير" 32/ 101.]]، وعطاء عن ابن عباس [[المرجع السابق.]].
وقال آخرون: يعني جعلهم كزرع قد أكل حبه وبقى تبنه [[ورد هذا القول من غير عزو في: "الكشف والبيان" 13/ 158 أ، وممن قال بمعناه ابن عباس، وعكرمة، وحبيب بن ثابت، وعطاء بن السائب.
انظر: "جامع البيان" 30/ 304، و"الكشف والبيان" 13/ 158 أ، و"النكت والعيون" 6/ 344، وقد أورد ابن قتيبة هذا القول أيضًا من قولين في "تفسير غريب القرآن" ص 539.]].
والمعنى على هذا: كعصف مأكول الحب، كما يقال: فلان حسن، أي حسن الوجه، فأجرى مأكول على العصف من أجل أكله حبه، لأن المعني معلوم، وهذا قول الحسن [["التفسير الكبير" 32/ 101 - 102.]].
وقيل في معنى "مأكول": إنه مما يؤكل، يعني تأكله الدواب، يقال لكل شيء يصلح للأكل: هو مأكول، [ومطعوم] [[(مضعون): هكذا ورد في النسختين، والصواب ما أثبتناه.]].
والمعنى: جعلهم كتبن تأكله الدواب، وهو معنى قول عكرمة [["التفسير الكبير" 32/ 102، و"جامع البيان" 30/ 304 قال: كزرع مأكول.]]، (والضحاك [["الكشف والبيان" 13/ 158 أ، و"التفسير الكبير" 32/ 102.]]).
فحصل في المأكول ثلاثة أقوال، أحدها: مأكول على الحقيقة، والثاني: مأكول الحب، والثالث: مأكول أنه مما يؤكل.
{"ayah":"فَجَعَلَهُمۡ كَعَصۡفࣲ مَّأۡكُولِۭ"}