الباحث القرآني

﴿أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ﴾ قال ابن السكيت: الرِّيع: المكان المرتفع، وذَكَرَ الآية. قال: وقال عُمارة: الرِّيع: الجبل [["تهذيب اللغة" 3/ 179 (راع).]]. وقال أبو عبيدة: الريع: الارتفاع، جمع: رِيعة [["مجاز القرآن" 2/ 88، وفيه: والجميع أرياع، وريعة.]]. ونحو هذا قال المبرد، وابن قتيبة، وأنشدوا [[في نسخة (ب): وأنشدوا قول ذي الرمة فقال.]] لذي الرمة فقال: طِرَاقُ الخوافي واقعٌ فوقَ رِيعةٍ ... ندى لَيله في ريشه يترقرقُ [[أنشده أبو عبيدة، "مجاز القرآن" 2/ 88، وفيه: مشرف، بدل: واقع. وهو كذلك عند ابن جرير 19/ 92، ونسباه لذي الرمة. وأنشده ابن قتيبة، "غريب القرآن" 318، ونسبه لذي الرمة، وفيه: مشرفاً، بدل: واقع. يصف ذي الرمة نظره كنظر البازي -نوع من الطيور- ومعنى: طراق: بعضه على بعض، والخوافي: ما دون القوادم من جناح الطائر، والرَّيعة: المكان المرتفع، ويترقق: يجيء ويذهب. "ديوان ذي الرمة" 175.]] وقال الكسائي، والفراء: رِيع ورَيع بالكسر والفتح، لغتان؛ الواحدة: رِيعة ورَيعة، مثل: الرِّير والرَّيْر، وهو المكان المرتفع [["معاني القرآن" للفراء2/ 281، ولفظه: "رِيع ورَيع، لغتان مثل: الريرِ، والرار، وهو: المخ الرديء". الرار، هكذا وردت. وما نقله عنه الأزهري، في "التهذيب" 3/ 180، موافق لما عند الواحدي. ولم ينسب الأزهري هذا القول للكسائي.]]. وقال الزجاج: هي في اللغة: الموضع من الأرض المرتفع. ومن ذلك: كم رَيْعُ أرضك؟ أي: كم ارتفاع أرضك [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 96.]]. وقال ابن الأعرابي: الريع: مسيل الوادي من كل مكان مشرف، وجمعه: أرياع وريوع [["تهذيب اللغة" 3/ 180 (راع).]]. قال ابن قتيبة: والريع، أيضًا: الطريق [[نسبه الماوردي 4/ 180، للسدي.]]، وأنشد للمسَيَّب بن عَلَس [[راجع ترجمته في "جمهرة أشعار العرب" 111، و"الخزانة" 3/ 240، والأعلام 7/ 225.]]، وذكر ظُعُنًا، فقال: في الآلِ يخفضها ويرفعها ... رِيعٌ يلوحُ كأنه سَحْل [[أنشده ابن قتيبة، "غريب القرآن" 318، وأنشده الماوردي 4/ 180، ثم قال: "السحل: الثوب الأبيض، شبه الطريق به". وأنشده الزمخشري 3/ 316، منسوبًا للمسيب. وهو كذلك في "لسان العرب" 11/ 328 (سحل). والألَلةُ: الهودج الصغير. "لسان العرب" 11/ 27 (ألل).]] شبه الطريق بالثوب الأبيض [["غريب القرآن" لابن قتيبة 318.]]. هذا كلام أهل اللغة في تفسير الرِّيع. وأما أهل التفسير فقال الوالبي عن ابن عباس: يعني: بكل شرف [[أخرجه ابن جرير 19/ 94، وابن أبي حاتم 9/ 2793. من طريق علي بن أبي طلحة. وأخرجه ابن جرير أيضًا عن مجاهد. واقتصر عليه في الوجيز 2/ 793، ولم ينسبه.]]. وقال قتادة: بكل طريق [[أخرجه بسنده، عبد الرزاق 2/ 74، وابن جرير 19/ 94. وابن أبي حاتم 9/ 2793.]]. وهو لفظ مقاتل، والكلبي، والضحاك، وابن عباس، في رواية عطية [[نسبه لهؤلاء الثعلبي 8/ 114 ب. وأخرجه ابن جرير 19/ 94، عن ابن عباس، والضحاك. وهو في "تفسير مقاتل" 52 ب. و"تنوير المقباس" 311. وذكر الماوردي 4/ 180، عن الكلبي، أنه فسر الريع بالسوق.]]، وقال في رواية عطاء: بكل موضع. وهؤلاء الذين فسروا الريع بالطريق، والموضع، أرادوا الطريق والموضع المرتفع. وروى ابن أبي نجيح، وابن جريج، عن مجاهد: ﴿بِكُلِّ رِيعٍ﴾ قال: بكل فَجٍّ [["تفسير مجاهد" 2/ 463، من طريق ابن أبي نجيح. وهو كذلك عند ابن أبي حاتم 9/ 2793. وأخرجه ابن جرير 19/ 94، عنه من طريق ابن جريج، وابن أبي نجيح.]]. قال الزجاج: والفج: الطريق المنفرج في الجبل [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 96.]]. وقال عكرمة: بكل واد [["تفسير الثعلبي" 8/ 114 ب.]]. وهذا موافق لقول ابن الأعرابي [[الذي سبق ذكره، ولفطه: مسيل الوادي ..]]. قوله: ﴿آيَةً﴾ قال مقاتل، والكلبي: عَلمًا [["تفسير مقاتل" 52 ب. و"تنوير المقباس" 311، ولفظه: بكل طريق علامة. و"تفسير هود الهواري" 3/ 234، ولم ينسبه. وأخرجه ابن جرير 19/ 94، عن ابن عباس.]]. وعن ابن عباس: بنيانًا علمًا [[اقتصر عليه في "تفسير الوسيط" 3/ 358، ولم ينسبه. أخرج ابن جرير 19/ 95، وابن أبي حاتم 9/ 2794، عن مجاهد: ﴿ءَايَةٍ﴾ بنيان.]]. ﴿تَعْبَثُونَ﴾ قال عطاء، عن ابن عباس: يريد: تبنون ما لا تسكنون [["تفسير الوسيط" 3/ 358. وزاد المسير 6/ 134. وذكره السمرقندي، في "تفسيره" 2/ 479، وصدَّره بقوله: وروي عن ابن عباس.]]. فعلى هذا أنكر هودٌ عليهم بناءهم ما يستغنون عنه، ولا يسكنونه، وجعل ذلك منهم عبثًا. وقال الكلبي: ﴿تَعْبَثُونَ﴾ بمن يمر بالطريق [["تنوير المقباس" 311، مختصرًا.]]. وعلى هذا معنى الآية: تبنون بالمواضع المرتفعة كي تشرفوا على المارة والسائلة، فتسخروا منهم وتعبثوا بهم. وقال مقاتل: بل [[بل، في نسخة (أ)، (ب).]] كانوا إذا سافروا لا يهتدون إلا بالنجوم، فبنوا القصور الطوال على الطرق عبثًا [["تفسير مقاتل" 52 ب.]]. وروي عن سعيد بن جبير، ومجاهد أنهما قالا: هذا [[هذا، في نسخة (ج).]] في بنيان الحَمَام [[واقتصر على هذا القول في "الوجيز" 2/ 793. وأخرج هذا القول عن مجاهد، ابن جرير 19/ 95، وابن أبي حاتم 9/ 2794. وذكره الماوردي 4/ 181، عن السدي. وذكره عنهما البغوي 6/ 122. وابن الجوزي، في زاد المسير 6/ 13.]]. وعلى هذا أنكر عليهم اتخاذهم بروجًا للحَمَام عبثًا. وهذه أوجه أربعة في معنى العبث المذكور هاهنا. وذكر بعض أهل المعاني وجهًا له؛ فقال: كانوا يبنون بالمكان المرتفع البناء العالي ليدلوا بذلك على زيادة قوتهم، وذلك عبث.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب