الباحث القرآني

قوله: ﴿أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ قرأه العامة: ﴿يَكُن﴾ بالياء ﴿آّيّةً﴾ نصبًا [[كلهم قرأ: ﴿أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ﴾ بالياء ﴿آيَة﴾ نصباً، غير ابن عامر فإنه قرأ: (أو لم تكن لهم) بالتاء (آيةٌ) رفعاً. "السبعة في القراءات" 473، و"إعراب القراءات السبع وعللها" 2/ 138، و"المبسوط في القراءات العشر" 276، و"الحجة للقراء السبعة" 5/ 369، و"النشر في القراءات العشر" 2/ 336.]]. قال إسحاق: (أنْ) اسم كان، و (آيةً) خبره؛ والمعنى. أو لم يكن لهم [[لهم، في نسخة (ج).]] عِلْم علماء بني إسرائيل أن النبي -ﷺ- حق وأن نبوته حق، (آية) أي: علامة [["غريب القرآن" لابن قتيبة 320.]]، موضحة؛ لأن العلماء الذين آمنوا من بني إسرائيل وجدوا ذكر النبي -ﷺ- مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 101. وأخرج نحوه عبد الرزاق 2/ 76، عن قتادة.]]. قال ابن عباس، في رواية الكلبي: بعث أهلُ مكة إلى اليهود وهم بالمدينة فسألوهم عن محمد -ﷺ-؛ فقالوا: إنَّ هذا لزمانُه، وإنَّا نجد في التوراة نعتَه وصفتَه. فكان ذلك آية لهم على صدقه [["تفسير الثعلبي" 8/ 116 ب، وعنه ابن عطية 11/ 149. و"تفسير البغوي" 6/ 129. و"تفسير السمرقندي" 2/ 484، ولم ينسبه. وهو في "تنوير المقباس" 314، بمعناه.]]. فعلى هذا: أراد بعلماء بني إسرائيل: يهود المدينة ومن كان منهم عالمًا بالكتاب. وقال مقاتل: يعني: ابن سلام وأصحابه [["تفسير مقاتل" 54 ب.]]. وقال مجاهد: علماء بني إسرائيل؛ عبد الله بن سلام، وغيره من علمائهم [["تفسير مجاهد" 2/ 466، وفيه زيادة: من أسلم منهم. و"تفسير ابن جرير" 19/ 112، وأخرجه أيضًا عن ابن عباس.]]. وقال عطية في هذه الآية: كانوا خمسة: عبد الله بن سلام، وابن يامينَ، وثعلبةُ، وأسد، وأَسِيد [[أخرجه ابن أبي حاتم 9/ 2820. و"تفسير البغوي" 6/ 129. وزاد السيوطي نسبته لابن سعد، وابن المنذر. "الدر المنثور" 6/ 323.]]. قرأ ابن عامر: (تكن) بالتاء (آيةٌ) رفعًا، قال أبو إسحاق: جعل (آيةٌ) هي الاسم، و (أن يعلمه) خبر تكن [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 101.]]. ونحو هذا قال الفراء [["معاني القرآن" للفراء 2/ 283.]]. قال أبو علي: إذا اجتمع في باب: كان، معرفة ونكرة فالذي يُجعل اسم كان منهما: المعرفة، كما كان المبتدأ: المعرفة، والنكرة: الخبر، وهو يجيء في الشعر للاضطرار؛ الاسم: نكرة والخبر: معرفة، ولا يجوز هذا حيث لا يُضْطُّر إليه تصحيحُ وزنٍ، ولا إقامةُ قافيةٍ، فقوله: (أولم تكن لهم آية) لا يجوز أن يكون التأنيث في (تكن) لأنه حينئذ يصير اسمًا لكان، ولكن في (تكن) ضمير القصة، و (آيةٌ) خبر مبتدأ مقدم، والجملة في موضع نصب كما تقول: كان زيدٌ منطلقٌ، على معنى: كان الأمر هذا وكان الشأن هذا، قاسم كان ضمير مستتر، وارتفع زيد بالابتداء، ومنطلق: خبره، والجملة في موضع نصب بكونها خبرًا. قال: ومن ذلك قول الشاعر: ولا أُنْبَأَنَّ أن وجهكِ شأنَه ... خُمُوش وإنْ كان الحميمُ حميمُ [[أنشده أبو علي، "الإيضاح العضدي" 1/ 143، ولم ينسبه. وأنشده أبو زيد، النوادر 126، ونسبه لعبد قيس بن خُفَاف البُرْجَمِي، وفي حاشية الإيضاح: الشاهد فيه: أنه جل اسم كان ضمير الشأن، والحميم مبتدأ، وحميم خبره، والجملة في موضع نصب خبر كان".]] ذكر هذا في كتاب "الإيضاح"؛ ونحو هذا ذَكر في كتاب "الحجة" [[ملخص من كتاب "الإيضاح العضدي" 1/ 136 - 143، و"الحجة" 5/ 369.]]؛ وزاد في هذا الفصل بأن قال: (ءايةٌ) مرتفعة بأنها خبر الابتداء الذي هو: ﴿أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ وقال: ولا يمتنع أن لا تضمر [[هكذا في كتاب الحجة: أن لا يضمر، فتراجع]] القصة ولكن ترفع: ﴿أَنْ يَعْلَمَه﴾ بقوله: (تكن) وإن كان في تكن علامة تأنيث؛ لأن ﴿أَنْ يَعْلَمَه﴾ في المعنى هو الآية، فيحمل الكلام على المعنى؛ كما حُمل على المعنى في قوله: ﴿فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ [الأنعام: 160] فأنث لما كان المراد بالأمثال: الحسنات. وكذلك قرأ من قرأ: ﴿ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا﴾ [الأنعام: 23] [["الحجة للقراء السبعة" 5/ 370؛ قرأ حمزة والكسائي: (يكن) بالياء، وقرأ الباقون: (تكن) بالتاء، وقرأ ابن كثير وابن عامر وحفص: (فتنتُهم) برفع التاء، وقرأ الباقون بالنصب. "السبعة في القراءات" 254، و"النشر" 2/ 257.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب